|


فهد عافت
عبقريّة اللغة
2021-11-18
ـ “بلكونة” الجمعة، تُطل على كتاب، ليس لي من المقالة غير العناوين الفرعيّة القصيرة، وعلامات تعجّبٍ، وبعض تقويسات!، وقفزات صغيرة حذرة!، ويا للغرور إذ أزعم بأهميتها!.
كتابنا اليوم: عبقريّة اللغة. تحرير وتقديم “ويندي ليسير”. ترجمة: حمد الشّمّري. دار أثر للنشر والتّوزيع (المملكة العربية السعودية ـ الدّمّام):
الكتاب غاية في الإمتاع والإشباع.. والأوجاع!. لدرجة يستأهل الأمر معها إعلان خجلي لعدم مقدرتي على أكثر من هذا القطف.. الخطف!.
ـ مثل القِطَط:
“ويندي ليسير”: الكُتّابُ مثل القِطَط، لا يعيشون في قطيع. ولو أنّ الكُتّاب كانوا قطيعًا مُتشابهًا، لأصبحت الحياة والعمل مع الكتابة مصدرًا للملل!.
ـ كاشف الألغاز:
“بهارتي موكرجي”: الشاعر في مجتمعنا البنغالي ليس مجرّد فنّان أو مَصْدَر للأُنْس كما قد يكون عليه الأمر في الغرب؛ بل هو مُنظِّر وكاشف لألغاز الكون العُظمى!.
ـ العِبْريّة الحديثة:
..، شرح لنا الشاعر الإسرائيلي “روني سوميك”، أنّ العِبْريّة الحديثة لغةٌ ملغومة بمصدَرَيْن رئيسين: الكتاب المُقدّس والآلة العسكريّة!.
ـ “عُزُومَة” بلا عَزْم:
“إيمي تان”:..، وقالت لهُ: “في أمريكا قد يموت الصّيني من الجوع، لأنّ الأمريكيّين لن يُكرّروا عليك عرض ضيافتهم أبدًا إنْ قُلتَ لا أُريد!. لن يُجاملوك ولو بتكرار عرضهم لمرّة واحدة أبدًا”!.
أومَأَ الخالُ برأسه، وقد استوعب الصورة تمامًا؛ قائلًا: “يأخذ الأمريكيون الأمور على عَجَل لأنّهم لا يملكون وقتًا ليكونوا لُطفاء”!.
ـ ما تتطلّبه الرّواية:
“جوزيف سكوفوريكي”: نعم، تستطيع اللغة أنْ تكون عالية الجمال. ولكن الرّواية تتطلّب أمرًا أكبر من مجرّد اللغة. تتطلّب الرّواية أسلوبًا كما لدى “تشاندلر”، وتجربة كما عند “ديكنز” و”هنري جيمز”؛ تتطلّب حياة كحياة الشُّهداء، حياة حلوة نديّة، وتتطلّب أشياء أُخرى كثيرة!.
ـ مستويات باهتة:
“بيرت كيزر”:..، سأقول ذلك بأخفّ ما يُمكنني: في الواقع أنّ هناك مستوىً فظيعًا من الكتابة الباهتة داخل الجسد الأكاديمي..!.
ـ الأسلوب:
“لوك سانت”: إنّ فكرة الأسلوب عند أبي تتكوّن من شرطيْن: الجَمال والدِّقَّة، وهما أمران مُتداخلان بطبيعة الحال!،…، إنّ الجَمَال والدِّقَّة حليفان بالضّرورة؛ يَدُلّان سويًّا على وجود الحقيقة!.
ـ بيت الكلمات.. كلمات البيت:
“توماس لاكور”: تَبَيَّنَ أنّ كل الكلمات قويّة الدَّلالة كانت قد جاءتني من أُمِّي، بينما جاءت التّعبيرات والرّمزيّات من أبي!.
ـ استعدادات مجّانيّة:
“نيكولاس باباندريو”: “من السّهل أنْ تزعم استعدادك لتلقّي ضَربَة من الخَلْف إنْ كنتَ، في الحقيقة، تحمل ظَهْرَ غيرك لا ظَهْرَك”!. هكذا سمعتُ جُنْدِيًّا يقول بعد المجيء من الحِراسة في ليلة باردة جدًّا!.
ـ زحف الحواسّ:
“نيكولاس باباندريو”: “أستطيع سماع الرّائحة المَالِحَة”، هكذا قالت امرأة قرويّة ذات مرّة حين أتت الرّياح برائحة البحر!. لقد أسَرَتْني بمزجها للحواس؛ ثمّ أدركتُ لاحقًا أنها كانت مثالًا حيًّا لِما يُسمّيه الفلاسفة “المَحَاسّة”، أو “الحِسّ المُشترَك”، ويعني أنْ تزحف حاسَةٌ بانسيابيّة نحو أختها!.
ـ كارثة تسليم نُسخة:
“لويس بيغلي”: أدرك تمامًا أسباب بُطئي وعدم يقيني، كما إنني لا أخلطها مع الشكوك التي تُهاجِم كلّ الرّوائيّين عند تسليم نُسَخَهُم النّهائيّة إلى النّاشرين!، العمل الذي يُشابه في ظلاميّته أن تتخلّى عن ذُرّيّتك ليتبنّاهُم غيرُك!.
ـ “.. يا حُبّيَ الباقي إلى الأبد”:
“غاري شتاينغارت”:..، أمْ يا هل تُرى كنتُ أهمس لنفسي مُغنّيًا من أناشيد الطفولة أنشودةً وجَدَتْ طريقها فيما بعد إلى إحدى قصصي..: “فلتبقَ الدّنيا مُشمِسَة.. فلتَبقَ أُمِّي إلى الأبد.. فلتبقَ السّماء صافيةً.. وأبقى أنا إلى الأبد”؟! ممكن جدًّا، لأنّ ما أحتاجه الآن في هذا العالَم الأجنبي الحزين هي أُمِّي، المرأة التي خاطت وجوه القِطَط على سُتْرتي الدّافئة، وإلّا لكنتُ قد أضعتُ تلك القِطَط كما أضعتُ علْبَة الصّمغ ودفتر الملاحظات وأقلامي المُلوّنة التي كانت يجب أن ترافقني خلال رحلة الصّف الأوّل الابتدائي!.