أحمد الحامد⁩
وعود الكلام
2021-11-20
أرجو من كل شخص ألا يعد أصدقاءه إذا ما أصبح ثريًا بأنه سيعطيهم المال الكثير، ومثل هذه الوعود هي مما يتردد في جلسات الأصدقاء الحالمين، فيقوم أحدهم بتوزيع السيارات والبيوت واليخوت على أصدقائه إذا ما صار ثريًا، لأن الكلام حينها مجرد كلام لا أكثر، أما في الحقيقة فللكلام ثمنه.
حتى أنا عاهدت نفسي ألا أعد أصدقائي بأي أموال إذا ما لعب الزهر معي، فلا أدري إن أصبحت ثريًا هل سأساعد أصدقائي الذين أعلم بأن مساعدتي لهم ستقلل من ركضهم الدائم، وستضمن لهم بعض الوقت لكي يبقوا مع عوائلهم وقتًا أطول، وصرت أقول إذا فتح الحديث بهذا الشأن بأنني لا أدري.
أقول إنني لا أدري رغم محبتي لهم لأن الحالة النفسية والذهنية ستتغير بمجرد وصول المال الكثير، وقد لا تكون إيجابية بالضرورة، أعرف صديقًا رزقه الله مالاً كثيرًا بعد وساطة عقارية كبيرة، وبعد يومين من استلامه للمبلغ اشترى سيجارًا وراح ينفث دخانه بصورة خاطئة، لأنه بالأساس لا يدخن وممن يتضايقون من المدخنين، واشترى صقرًا دون أي هواية سابقة بالصقور، وصار لا يرد على اتصالات أصدقائه، قال لي إن شيئًا ما جعله غير متوازن.
ومع سعادته لوصول المال إلا أنه كان قلقًا طوال الوقت وقلت ساعات نومه، وفكر جديًا بالزواج على زوجته التي كافحت معه وتحملت ظروفه وسوء تدبيره، لكنه كما يقول كان محظوظًا عندما استمع لنصيحة أحدهم بأن يشتري أرضًا صغيرة بما تبقى من مال، وبذلك عاد إلى طبيعته وأصدقائه، حتى الصقر عاد إلى طبيعته عندما طار ولم يعد.
قبل يومين وفي مشهد يظهر أن المال قد يظهر الخفايا التي قد لا يعرفها الإنسان عن نفسه أو لا يعرفها عن غيره ممن يعرفهم، ففي أمريكا سقطت حقائب مليئة بالنقود كانت داخل سيارة مخصصة لحمل الأموال، ما حصل أن معظم السائقين الذين كانوا قبل سقوط الحقائب وتناثر الأموال على الطريق يقودون سيارتهم بكل هدوء وأدب ورصانة صاروا مثل المجانين، وراحوا يركضون بكل اتجاه لجمع الأموال، حتى أن إحدى النساء ظهر صوتها وهي تقول لزوجها الذي كان يزاحم الناس ليحصل على النقود وبما معناه: أأنت هكذا.. أين ذهبت رزانتك.. كيف تأخذ مالاً ليس لك؟ لم تكن هذه السيدة تعلم أن زوجها ليس رزينًا في حقيقته إنما الظروف أخفت شيئًا مهمًا في شخصيته، ظهر هذا الشيء عندما ظهر المال.