|


عبد العزيز الزامل
عشق الجماهير للتراجيديا
2021-11-24
في البداية إذا ما أتينا للتراجيديا كتعريف فقد نقول بأنها “شكل من الأعمال التي تكون مبنية على قصص حقيقية أو تاريخية حزينة أو ذات نهاية مأساوية”.. هذه الكلمة تأتي بالأصل اقتباسًا من كلمة يونانية تعني “أغنية الماعز” والتي تنتسب إلى طقوس دينية مسرحية كان يتم فيها غناء الكورس مع التضحية بذلك الماعز.. تلك الطقوس الحزينة والمؤلمة أتت منها هذه الكلمة التي أصبحت اليوم شكلًا من أشكال الاستشهاد الفني.
وفيما إذا سلطنا الضوء على تراجيديا السينما فسنجد أنها أمر محبذ ومرغوب، بعكس التراجيديا الواقعية التي لا أحد يرغب بأن يخوض فيها أو يواجهها أي شخص عزيز عليه.
في أعمال مثل “مباريات الجوع” كان الجماهير مع تراجيديا سقوط الشخصيات واحدة تلو الأخرى في صراع النجاة، كان الأمر حزينًا ولكن بشكل ممتع. بالمقابل، إذا ما أتينا إلى الأعمال التراجيدية الكورية، فالبحر مليء بالجماليات. على سبيل المثال، وليس الحصر، فإن الكوري “Parasite” الحاصل على جائزة أوسكار الأوسكار كأفضل فيلم، رغم كونه غير ناطق باللغة الإنجليزية، أحد أبرز مفاجئات أوسكار 2020.. هذا الفيلم عن رحلة مأساوية لعائلة فقيرة تخطط أن تتوظف لدى أسرة ثرية، وذلك لاستغلالها. هذه العائلة التي تعتبر عالة كانت كما الطفيلي الذي يعيش على حساب غيره.
قدم هذا الفيلم دراما سوداوية بطابع مميز، بحيث يظهر مأساة تراجيدية عالية الجودة، وبالفعل هذا الأمر الذي أدى للنجاح الكبير لتحقيق طفرة في تاريخ جوائز الأوسكار لم يسبق لها مثيل.
كذلك مؤخرًا عمل منصة نيتفلكس “لعبة الحبار” كان هو الآخر صراعًا تراجيديًا عن البقاء، وتساقط البشر واحدًا تلو الآخر. هذا العمل الذي لم يسبق للمنصة أن حققت منجزات خيالية في عدد المشاهدات والتداول كما فعلت في هذا العمل.
أعتقد أن الإنسان يحب أن يشاهد في السينما كل ما هو غير قابل للحدوث بالواقع، صحيح أننا نستمتع برؤية ديكستر وهو يقضي على الأشرار، وصحيح أن طريقته في فعل ذلك وحشية. وصحيح أننا ونستمتع كذلك برؤية عدد من الشخصيات التي تعاني لتصارع الحياة ولو أن بعضها لا ينجح في نهاية الفيلم. بل وربما أننا نستمتع بالإثارة التي نشعر فيها مع ذلك الأمل الذي يوهمنا أن النهاية ستكون على ما يرام. تلك النهاية التي قد تجح فيها “ايملي بلنت” بالهرب مع عائلتها إلى بر الأمان في فيلم “مكان هادئ”.