|


أحمد الحامد⁩
فانيلة بيليه
2021-11-27
كنت وصديقي عبد العزيز نتجادل عن اللاعب الأفضل، هل هو بيليه أم مارادونا، كنت أقول إن مارادونا أسطورة لن تتكرر لعدة أجيال قادمة، أما هو فكان يقول بأن منافسة مارادونا لبيليه على العرش جائزة لكنها غير منصفة، لأن الكثير من مباريات بيليه لم تكن منقولة ولم تسجل تلفزيونيًا، وهذا ما حرم الجماهير من مشاهدة فنون الجوهرة كاملة.
كان رأيه يوافق رأيي بأن الكثير من الجمال في الدنيا لم يتم تدوينه أو تصويره، لذلك كنت أجيب عبد العزيز: معك حق لكنني لن أفضل أحدًا على مارادونا.. يكفي أنه عرفني بأن كرة القدم ممكن أن تلعب بطرق مختلفة عن العادة، في شقة عبد العزيز قمصان للاعبين مشاهير، علقها داخل براويز أنيقة، وبدت تواقيع اللاعبين ظاهرة بوضوح وبخط أسود كبير، في منتصف الصالون قميص بلاتيني بالأبيض والأزرق، وعلى بعد متر قميص زيكو، وفي الجدار المقابل براويز تحتفظ بقمصان غاري لينيكر ورود خوليت، أما في الجدران الأخرى فلا أتذكر أسماء اللاعبين، حكى لي عبد العزيز كيف حصل على كل توقيع، وفي أي بلد، كان يشتري القميص ويمسك بالقلم الأسود العريض وينتظر عند بوابات الدخول والخروج، وقال بأن أفضل وقت للحصول على توقيع اللاعب هو قبل أو بعد حصة التدريب وليس في المباريات، أما سر التواقيع الكبيرة فلأنه كان يقول للاعبين: بيق ساين بليز.. بيق ساين (توقيع كبير رجاءً)، لكنه ردد أكثر من مرة بأنه يعتبر مجموعته ناقصة، ولن تكتمل إلا بوجود قميص بيليه، حينها سيضع القميص في برواز ذهبي كبير جدًا ليعطي بيليه إنصافه الذي يستحقه، مضت السنوات والتقيت بعبد العزيز في بيته، كانت أعداد القمصان قد زادت، وسنوات العمر كذلك، جاء العامل ووضع القهوة على الطاولة، لاحظت أن عبد العزيز ينظر للعامل نظرة غاضبة، ثم تأكدت عندما نهره بعد دقائق لأمر لا يستحق، سألته: لماذا تعامله هكذا؟ قال: هذا أغبى رجل رأيته في حياتي.. يعيش معي منذ سنوات ويرى القمصان كل يوم، قبل عام حضر هنا بيليه مؤتمرًا رياضيًا.. أسرعت واشتريت قميص البرازيل والقلم الأسود الكبير، انتظرت عند بوابة الخروج ثلاث ساعات، ثم حصلت على التوقيع الذي انتظرته سنوات طويلة، عدت إلى البيت ووضعت القميص على الطاولة ونمت سعيدًا، في الصباح وجدت هذا العامل يغسل القميص بيديه ويقول: “هذا كله وساخة.. أنا يحط داخل غسالة ما فيه يروح زين.. الحين وساخة كله راح”!.