أحمد الحامد⁩
مفكرة مسافر
2021-12-04
ـ عندما أسافر أحرص على الاستماع للإذاعات الموجودة في البلد، استمع إليها في السيارة حتى لو لم أفهم ما يقال إذا كنت في بلد غير عربي ولا يتحدث الإنجليزية، أستطيع أن أستمتع مع رتم البرنامج وأداء المذيع ومع الموسيقى، خصوصًا إذا كانت من تراثهم.
لا مفر من حقيقة أن السوشال ميديا واليوتيوب أخذا نصيبهما من أوقات الاستماع للإذاعة في المنزل، وأن الإذاعة تواجه تحديًا كبيرًا لكيلا تفقد قوة الاستماع في السيارة، نسبة من المستمعين يستمعون لبرامج اليوتيوب والبودكاست وهم في سياراتهم. قبل أيام طلبت من عقلي أن يستحي على دمه ويفكر ولو قليلًا، أن يكون اسمًا على مسمى ولو بصورة رمزية، أن يفكر كيف تستطيع الإذاعة المحافظة على قوتها وكيف تزيد من جمهورها، بعد دقائق حضر عقلي وبعد سؤالي عن سبب غيابه الطويل قال: أنا لما بغيب مبغش كده أونطه.. أنا بغيب علشان أفنن.. علشان أرسم.. علشان أخطط.. أنا شغلتي شغلة مزاج يا أستاذ.. مش لعب عيال!، كان الحل الذي جاء به العقل الغائب أن الحل في المحتوى الذي يقدمه مقدمو البرامج وليس في الأغاني، لأن الأغاني موجودة على اليوتيوب، لكن المحتوى الذي يقدمه المذيعون هو ما يمكن أن يكون متفردًا و(متعوبًا) عليه، أي أن الأمر قائم على الإعداد المشوق والثري.
ـ قبل أن أسافر بيوم سألت صديقي ما هو الكتاب الذي ترشحه لكي أقرأه في الطائرة؟ لم يفكر وقال: صنايعية مصر، ومع أن زمن الرحلة كان 7 ساعات، وهي فترة متعبة لي إلا أنني لم أشعر بها، لأن صفحات الكتاب الممتعة كانت كافية بألَّا أنتبه للمطبات الهوائية ولا لتوجيهات الطيار، قال كاتبه (عمر طاهر) في صفحته الأولى بأنه يريد تسليط الضوء على شخصيات رسمت ملامح مصر دون أن يحصلوا على نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل، وأراهن بأنه نجح نجاحًا كبيرًا في إيصال رسالته، هذا الكتاب الذي أتمنى أن يكرر الكتّاب في كل بلد تجربته، فيه من القصص الملهمة ما جعلني أعيد حساباتي في مفهوم الإصرار وإيجاد الذات والشجاعة، تحدث فيه الكاتب بأسلوب رشيق ممتع عن قصص نجاح شخصيات صناعية وأدبية وإعلامية وفنية متميزة، معظمهم كانوا مؤسسين وأوائل. عندما وصلت الطائرة كنت قد أنهيت قراءة الكتاب، وأحسست بأن الرحلة الطويلة على متن الطائرة مجرد ساعة في بستان ورود.