|


محمد المسحل
البيروقراطية.. والبلدوزر..
2021-12-04
قابلت سمو وزير الرياضة قبل يومين على هامش سباق الفورمولا 1، وهنأته بروعة ما رأيته من شبه معجزة لوجستية تم تنفيذها في وقت أسرع بكثير مما نتخيل، حيث كنّا نراه عملًا مستحيلًا قبل 2015م، حيث كانت البيروقراطية مهيمنة.
عُرف مفهوم البيروقراطية في بدايات القرن الـ 18، بمفهوم آلية اتخاذ القرار الانفرادي، بدون الأخذ بتصويت أو آراء الآخرين. وبمفهوم وجود هيكل وآلية قرار منصوص عليها في النظام الإداري، لا يمكن تغييرها أو مسها من أي كان. وازدهر هذا بشكل خاص في المؤسسات العسكرية، التي تحتاج لمثل هذا النظام الصلب والصارم بطبيعتها.
عندما انتقلت من القطاع الخاص للعمل في المؤسسة الرياضية الرسمية في 2011م، كانت مهمتي بالعشرين شهر الأولى، هي تأسيس مؤسسة رياضية تُعنى باستراتيجية المنتخبات السعودية لكرة القدم بمفهوم حديث، يبدأ من البراعم تحت 10 سنوات، حتى الوصول للمنتخب الوطني الأول، وبعدها بدأت بمشروع إعادة هيكلة اللجنة الأولمبية باتحاداتها، التي استغرقت سنتين تقريبًا، وحيث إن هاتين المهمتين متداخلتين بشكل كبير في عمل المنظومة الحكومية، كان لا بد من الدخول في دهاليز النظام البيروقراطي، الذي نال منّي ونلت منه، حتى الانتهاء من كلا المشروعين، بجروح طفيفة.
المسؤولون المغموسون بالفكر البيروقراطي سيبغضون أي شخص يأتي بفكر جديد، وسيحاربونه بكل السبل الممكنة والمتاحة، وهذا ليس فقط للغريزة البشرية التي لا تتقبل التغيير بسهولة، وليس أيضًا للإرث الثقافي في أغلب المنظومات الذي يقاوم وجود أي عنصر جديد في كواليسه، على مبدأ “وش هاللي جانا يتفلسف علينا ذا!”، ولكن لأن الفكر البيروقراطي المبني على رفض التطوير والتحديث، وجعله جريمة جديرة برفعها في محضر رسمي لأعلى المستويات، هو المحرك الأبرز في مثل هذه الحالات.
فكنت أتخذ سياسة البلدوزر، التي تقول: نفّذ خططك بخط مستقيم وبلا تردد، طالما أنك تستطيع، ولا تتوقف حتى يأتي ما يوقفك قسرًا! واستمررت بالقوة والسرعة المناسبتين، حتى جاء بالفعل ما يعوقني ويوقفني، ويجعلني أنا ورئيسي نقول، البلد كلها تحتاج “لبلدوزر” يدعم كل من لديه القدرة والرغبة بأن يغير للأفضل، ويشل حركة الفكر البيروقراطي وحرسه القديم، لتقفز البلد قفزاتها التي تتناسب مع حجمها وتاريخها ومقدراتها.
وعندما جاء سيدي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد برؤيته وهمته، تيقنت بأن الله حقق أمنيتنا، وجاءنا بلدوزر جرف كل ما من شأنه أن يؤخر حركة التقدم والتطوير، بل ويضرب بيده على الفساد الذي أضر بمقدرات الوطن أيما ضرر.