|


محمد المسحل
المشاة المساكين
2021-12-11
عندما يضع برنامج جودة الحياة برامجه الخاصة بصحة المجتمع مع الاتحاد السعودي للرياضة للجميع، سيكون هناك دائماً موضوع ممارسة رياضة المشي ومدى أهميته القصوى لجودة حياة المجتمع وتقليص فاتورة الصحة، بل وتقليل الوفيات والإصابات المزمنة التي قد يصاب بها ممارسو المشاة على أرصفة الطرق والأحياء.
الإحصاءات والأبحاث التي ينشرها خبراء الصحة في كل أنحاء العالم، تؤكد على أن المشي، هو الطريق الأقصر للحفاظ على جسد خالٍ من الأمراض، أو على الأقل أغلب الأمراض التي قد يسببها التقدم في العمر أو الكسل وعدم الحركة، بل وزيادة الأكل، وهو النشاط الأسهل والأقل كلفة من الناحية المادية ومن ناحية الوقت. والكثير من هؤلاء الخبراء يحث على المشي، ولا يعلم أن المشكلة الرئيسة هي ليست في الناس ورغبتهم وعزيمتهم، بقدر ما هي مشكلة عدم وجود بنية تحتية تساعدهم على ممارسة المشي.
في السابق، كان المشي أسهل، بسبب أن أغلب أراضي الأحياء كانت لم تزل بيضاء، وكان عدد السيارات أقل بمراحل مما هو الحال الآن، بل وحتى إحساس الناس بأمان أكثر للمشي داخل الأحياء، بسبب قلة المارين وقلة الغرباء على الحي، فكان ذلك يساعد محبي المشي على ممارسة هوايتهم، ليس للرياضة فحسب، ولكن أحياناً للتزاور أو لقضاء بعض احتياجاتهم القريبة.
الآن، الأمور اختلفت، وأصبح الذي يجد “حوطة” أو أرضاً فضاء في الحي الذي يسكن فيه، يلقبها هو وجيرانه بـ “الممشى” ويمارس الرياضة حولها، أو سيضطر إما إلى التسجيل في نادٍ رياضي أو الذهاب إلى أحد المجمعات التجارية وهو لابس لحذاء المشي (الكاويتش) ليمارس رياضته هناك، حيث الأمان والتكييف.
لن تُحل مشكلة أمراض السمنة والسكر والمفاصل بل وحتى الاكتئاب، حتى يتم خلق أجواء وبنى تحتية تساعد الناس على الميل أكثر للمشي، وهذا يتطلب تشكيل ائتلاف قوي بين وزارة الشؤون البلدية والإسكان ووزارة المواصلات والمرور واتحاد الرياضة للجميع، تحت إدارة وإشراف برنامج جودة الحياة، لمراجعة وجود خطوط المشاة في جميع الطرق وصحة عمل إشارات المرور الخاصة بذلك، ومراجعة جميع أرصفة المشاة، سواء الموجودة داخل الأحياء أو على الطرق الرئيسة وإزالة جميع التعديات الموجودة عليها التي تعيق المشاة من حقهم بالمشي على الأرصفة المخصصة لهم، وسن القوانين الصارمة التي تحمي هذه الحقوق.
هذا المشروع سيأخذ بعض الوقت، ليس لشساعة البقعة الجغرافية التي سيغطيها المشروع فحسب، ولكن أيضاً للتمكن من زرع هذا المفهوم في أجيالنا القادمة والحالية، وجعل المشي ثقافة، والحق بالمشي ثقافة أهم أيضاً.