|


محمد المسحل
البراعم والكشافة..
2021-12-25
في منتصف عام 2011م، عندما كنت رئيسًا لإدارة شؤون المنتخبات السعودية لكرة القدم، اجتمعت في إحدى صالات الاجتماعات في استاد الأمير سعود بن جلوي في الراكة (الخبر)، مع الكابتن عمر باخشوين، مدرب منتخب الناشئين آنذاك ومدير ذلك المنتخب الكابتن القدير صالح خليفة، وسألتهما عن أكبر وأهم العوائق التي يواجهونها، والتي تتسبب أحيانًا بعدم تأهلهم لكأس العالم، بل وأحيانًا لنهائيات كأس آسيا للناشئين، وفهمت منهما أن العائق الرئيسي هو عدم وجود مسابقة محلية تخدم هذه الفئة العمرية تحت 15 وتحت 14 سنة.
وبالتالي، فهم يضطرون لمحاولة الكشف عن المواهب في دوريات الأحياء والمدارس، وبطريقة فيها الكثير من المشقة، ناهيك عن أن مستويات هؤلاء اللاعبين، تعتمد على مهاراتهم الفردية، ولكن بلا تأسيس مهني لهذه المهارات، وبلا تجهيز بدني مناسب، مما يجعلهم في مستوى أقل من المطلوب، وبالتالي لا ينجحون في التأهل.
بعدها بشهر، قمنا بتأسيس مسابقة للبراعم تحت 14 وتحت 13 عامًا، على مستوى المملكة. والسبب هو حث الأندية على البدء بالكشف والاهتمام بهذه الفئة، التي وللأسف كان أغلبهم آنذاك يضعونها في آخر قائمة اهتماماتهم، حيث كان الفريق الأول لكرة القدم (ولا زال في كثير منهم) هو صاحب الأولوية وله حصة الأسد في كل موارد النادي. بل وقمنا بتأسيس منتخبات رسمية تحت 14 وتحت 12 وتحت 10 سنوات، وقمنا بعملية الكشف عن مواهب تلك المنتخبات بدلًا من الأندية، التي كان أغلبها رافضًا للفكرة، وذلك لأن الأولوية كانت منصبة على النجاحات الوقتية التي كانت إدارات تلك الأندية تسعى لتحقيقها للفريق الأول كما ذُكر. ومع الوقت، بدأت أغلب الأندية تأسيس مدارس كروية للبراعم، لجميع تلك الفئات، ولكن لا زالت هذه المدارس تعاني من عدم وجود منهجية، بل وتعاني من عدم ربط وجود هذه المدارس ونجاح عملها بآلية “مؤشرات الإنجاز الرئيسية (KPIs)”، ولذلك، ترى الكثير منها بلا استراتيجية وأهداف مرسومة ومُنتظرة.
لن نصل بكرة القدم وبجميع الألعاب الرياضية للمستوى الذي يعيدنا على قمة أمم آسيا، والتأهل المريح نسبيًا لكأس العالم، إذا لم يتم ربط مشروع مدارس البراعم في الأندية (التي تصرف عليها الدولة المليارات) في آلية توزيع ميزانيات تلك الأندية بل وجعلها وحدة هامة من وحدات قياس نجاح إدارات تلك الأندية بمهامها. بل ويجب أن يكون لجميع المشاريع المشابهة، (مثل أكاديمية مهد وابتعاث المواهب ومشاريع ودوريات المدارس الابتدائية والمتوسطة) نظام يوحدها تحت استراتيجية واضحة، تحدد فوائد وأهداف كل مشروع منها، والفوارق بينها.