|


طلال الحمود
إثبات
2022-01-08
واجه السعوديون على مدى سنوات طويلة تهمة عدم احترام القانون إلا في خارج بلادهم، وكثير ما ضرب أصحاب الآراء “العائمة” المثل بانضباط أصحاب السيارات القادمين من الدمام أو الأحساء بمجرد وصولهم إلى البحرين، وكيفية تعاملهم مع حركة السير في شوارع ودوارات المنامة حتى يخيّل للمرء من شدة التزامهم أن هؤلاء القوم وصلوا للتو من كوبنهاجن أو طوكيو، وهم الذين لا يضعون اعتبارًا لقوانين السير في السعودية.
ومهما كانت مرارة هذا الاتهام، لكنه لا يحتمل الإنكار، لكن في المقابل لا يمكن إغفال أن الإنسان بطبيعته لا يظهر التزامًا بغياب القانون الذي كان يستقيه المواطن والمقيم من تجارب الآخرين في المحاكم وأقسام الشرطة وليس من نصوص تشريعية مكتوبة.
وخلال السنوات الأخيرة أظهرت القيادة السياسية اهتمامًا لافتًا بتعزيز سيادة القانون والعمل على إصدار كثير من التشريعات التي تضمن الإبقاء على دولة قوية ومجتمع مستقر، خاصة أن السعودية البلد العضو في مجموعة العشرين لم تكن تمتلك قانون إثبات أو إجراءات مدنية أو عقوبات، ولم يكن الأمر مطروحًا قبل إقرار رؤية المملكة 2030، وكثير ما ساهم غياب هذه التشريعات المهمة في مصاعب تواجه السعوديين في التعامل مع الجهات الحكومية والقضائية، وأيضًا تواجه العالم في التعامل مع الداخل السعودي، إذ لا يمكن لمستثمر أو حتى سائح أن يطمئن إلى نجاح أي شراكة أو زيارة في بلد لا توجد فيه قوانين واضحة تجعله يعرف حقوقه وحدوده.
وكثير ما كانت تضيع الحقيقة وتهدر الحقوق حتى بوجود الأنظمة “القوانين”، لأن بعض الذين تولوا مهام في وزارات أو هيئات يخلطون النظام بالتنظيم، للوصول إلى نتيجة معينة ترضي قناعاتهم أو رغباتهم، حتى تحولت كثير من الأنظمة الموجودة منذ سنوات إلى خليط متناقض بفعل التعديل المتكرر والمتواصل بمناسبة ودون مناسبة في اللوائح التنظيمية، وهذه مهمة ربما تكون هدفًا لإصلاحات عرّاب الرؤية الذي برهن أكثر من مرة كل ما قاله في ظهوره الأول على شاشة قناة العربية.
وجاء إقرار قانون الإثبات الشهر الماضي برهانًا على أن السعودية بدأت في المسير، ولن تعود أبدًا إلى الوراء، وهذا يكفي لفض النزاعات وحفظ الحقوق بإجراءات دقيقة وسريعة، بعيدًا عن هواة قفز الحواجز، وغالبًا سيضع هذا النظام حدًا لاندفاع الأندية الرياضية ولاعبيها في تجاوز القوانين وإبرام تعاقدات غير نظامية، اعتمادًا على أن الأمر لا يعدو لعبة لا مجال معها للتفكير بتدخل أي سلطة قضائية.