عبدالله الحمدان
الأسد الفرنسي
2022-01-13
لكل رحلة بداية ونهاية، ويبدوا أن خطوات الفرنسي الأسمر سنغالي الأصل بدأت تتثاقل ولم يعد أسداً مرعباً لشباك الخصوم كما كان قبل سنوات، وباتت حصيلته التهديفية تتراجع شيئاً فشيئاً ويبدوا أنه العمر الذي تمكن من الأسد حتى بات عشاق الأزرق يرددون "ألا ليت الشباب يعود يوماً يا جوميز".

جوميز الذي بدأ مشواره في العام 2004 مع سانت إتيان الفرنسي، مروراً بتروا و ليون الفرنسي ثم سوانزي سيتي و أولمبيك مارسيليا و غلطة سراي التركي، حتى وصل للهلال في 2018.

وهنا بدأت الرحلة، مع الهلال كان لجوميز قصة عشق مع الشباك والذي بدوره انعكس على حب جمهور الهلال له، الفرنسي ساهم في فوز الهلال بدوري أبطال آسيا للمرة الأولى منذ ثمانية عشرةِ عام ونزلت دموعه يومها في الأراضي اليابانية بعد هدفه في سايتاما، في تلك البطولة سجل الفرنسي أحد عشر هدفاً في مختلف ملاعب القارة، حصل معها على لقب الهداف و أفضل لاعب في مشاركته الأولى الآسيوية، وبعد أقل من عامين عاد وكرر الأمر ذاته مع الأزرق في المعترك الآسيوي وحصد اللقب للمرة الثانية معهم وساهم بشكل كبير في تأهلهم لكأس العالم للأندية للمرة الثانية بعد موسم 2019.. والذي يبدوا أنه أي بطولة العالم هي آخر عهد له مع الهلال.

جوميز حالة متفردة في الملاعب السعودية، مهارات اللعب، والأهداف كلها عوامل أساسية تحدد من نجاح اللاعب من عدمها عندما يتعلق الأمر بمباريات كرة القدم.

لكن هناك العديد من العوامل الأخرى التي ليس لها علاقة مباشرة بالملعب، ولا بقوانين اللعب، تحدد مكانة اللاعب في قلوب الجماهير ،وشعورهم نحو لاعبهم المفضل، ومتابعة أخباره والحزن عليه إذا ما رحل عن الفريق.

جوميز أحد القادة في الكتيبة الزرقاء ومن الأقوى تأثيراً فيه خلال السنوات الماضية والهداف التاريخي للمحترفين الأجانب في الهلال. يعتبر اليوم مثالاً حياً على الالتزام خارج الملعب وداخله لياقيا ًو أخلاقياً..

بافيتيمبي جوميز "الأسد" الذي حظى بمحبة الآلاف من محبي وعشاق الأزرق.. بل كافة الجماهير السعودية، والسبب هو الأخلاق العالية للاعب فلم تسمع له يوماً مشكلة أو تجاوزاً خارج الملعب وحتى على المعشب الأخضر و لا ترى له مشاغبات أو مشكلات مع لاعبي أو جماهير الفرق الأخرى.

من الواضح أن جوميز لم يسترح فقط للإسلوب الإحترافي في نادي الهلال فحسب. بل لطبيعة الشعب السعودي المُحبة للآخر والمتقبلة لكافة الجنسيات والثقافات. حيث بنى الفرنسي جسور الحب والمودة مع كافة أطياف الشعب السعودي. الذين لمسوا التواضع في سلوكه، والأدب في تصريحاته، والاحتراف في ممارسته لكرة القدم.

جوميز الذي يكرس وقته الضيق الذي يقضيه خارج الملعب، في العديد من اللفتات الإنسانية. ما بين التبرع لتوزيع وجبات إفطار على المحتاجين، بالإضافة لدعم المنظمات العاملة في إغاثة الأطفال وتحسين أوضاعهم حول العالم، وخاصة في أفريقيا حيث تعود أصوله.

هذه اللفتات الإنسانية جعلت الجمهور السعودي على اختلاف توجهاته، يشعر بالكثير من الحزن على الأخبار المنتشرة على السوشيال ميديا، عن اقتراب رحيل جوميز، وأن الموسم الحالي قد يكون آخر مواسمه. مع الكثير من التكهنات حول اللاعب الجديد الذي من المفترض أن يسد العجز الذي سيخلفه الفرنسي المحترف، خاصة أن العلاقة بينه وبين الجمهور السعودي كانت خاصة جدًا، مع قدرته على احترام وتفهم العادات والتقاليد العربية والإسلامية.

ربما يحصد لاعب كرة القدم الاهتمام من خلال طريقة لعبه الاحترافية، احصائيات الأهداف وغيرها. لكن شتان ما بين الحصول على الاهتمام وأن يتحول هذا الاهتمام لحب وتقدير. مع مرور الأيام للفرنسي في الأراضي السعودية أثبت أن رصيده الأخلاقي والإنساني، لا يقل تفردا عن رصيده الكروي. بل يزيد، وكلما اقترب الموسم من نهايته تكتب الصفحات الأخيرة لنهاية رحلة الأسد الفرنسي مع الأزرق في الأراضي السعودية ويدون القلم بين سطور تلك الصفحات بيتاً لإيليا أبو ماضي يقول فيه " أزف الرّحيل وحان أن نتفرّقا فإلى اللّقا يا صاحبّي إلى اللّقا".