|


محمد المسحل
الرياضة والأراضي البيضاء
2022-01-15
من أكبر أسباب عزوف النشء والشباب بل وحتى “الشيّاب” عن ممارسة الرياضة، هو عدم وجود المواقع القريبة نسبيًا لمقار سكنهم لممارسة رياضاتهم المفضلة، سواءً كانت كرة القدم أو الطائرة أو حتى المشي. خصوصًا بعد اختفاء الأراضي البيضاء في أغلب هذه الأحياء، أو وجودها بطريقة لا تسمح باستخدامها لأسباب عديدة. وهذا أمر تناولته في مقالات سابقة، وأعيده الآن مع التذكير بأحد أهم الحلول الاستراتيجية، التي برأيي ستحل عدة إشكالات.
في الماضي (وقبل وجود الاستراتيجيات الرياضية التي نعرفها الآن)، وعندما كانت طريقة تفكير المجتمع أبسط من الآن، وعندما كان التواصل الاجتماعي هو تواصل فعلي بشري على أرض الواقع، وليس تواصلًا افتراضيًا، كانت هذه الأراضي البيضاء (الحُوَطْ) هي الملجأ والوُجهة المفضلة لسكان الأحياء، وبجميع مستوياتها. فيها كانوا يمارسون الرياضة بل وجميع مناشطهم الاجتماعية من مجالس أفراح وأتراح. والآن، أصبحت هذه الأراضي إمّا مسوّرة أو مخصصة لوقوف معدات أو شاحنات، وغير ذلك من تمنع أبناء الحي من الوصول لها بسهولة وسلامة. وبالتالي، ترى النشاط الرياضي في الأحياء، قلَّ عن السابق بشكل كبير.
في هذا الزمن، يصعب على الكثير من الأطفال والمراهقين الانتقال من الحي الذي يسكنون فيه إلى حي آخر للعب الكرة أو ممارسة هواياتهم التي يحتاجون لها مساحة كافية لممارستها، وبالتالي، لا مفر لهم إلا ممارسة الألعاب الإلكترونية (فقط)، هذا لو استطاعوا امتلاكها.
بما أن وزارة الإسكان تفرض رسومًا على الأراضي البيضاء بشكل سنوي وبمقدار 2.5% من قيمة الأرض، وتستخدم الرسوم لتوفير الخدمات الأساسية والبنية التحتية داخل المشاريع السكنية، لم لا يتم إعطاء أصحاب هذه الأراضي خيارًا آخر يعفيهم من دفع هذه الرسوم، عن طريق ترك الأرض لمستثمر رياضي أو ترفيهي، باستخدام بُنى تحتية خفيفة (قابلة للإزالة بسهولة)، لينشئ عليها ملاعب أو مرافق ترفيهية، باتفاقية ثلاثية بين الوزارة والمستثمر والمالك، وذلك لمدة 5 أو 7 أو 10 أو 15 سنة! منها يتخلص المالك من الرسوم، ويتم استثمار الأرض لخدمة الأحياء، وأيضًا لتعزيز دور الاستثمار الرياضي والترفيهي، والأهم من كل ذلك، المساهمة بتقليل فاتورة وزارة الصحة ودعم برنامج جودة الحياة الذي تضعه الدولة كأحد أهم الأولويات.
أهالي الأحياء يبحثون عن مرافق، والمستثمرون في المجال الرياضي من روّاد الأعمال أصحاب المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، يبحثون عن أراضٍ مجانية لاستثماراتهم، أو على الأقل برسوم بسيطة لا “يزايدهم” عليها الحيتان، ووزارة الرياضة تبحث عن ممارسين. أرى أن كل هذه العصافير، يمكن ضربها بهذا الحجر فقط.