أحمد الحامد⁩
حبيتك بالصيف.. حبيتك بالشتى
2022-01-19
يلعب الطقس دورًا مهمًا في حياة الإنسان، حتى أنه يشكل طبيعة حياته، فيتدخل في تصميم منزله، وأنواع طعامه وملابسه، ويصل إلى عاطفته ومزاجه، وقدرة تحمله وصبره، ولا أظن أن هناك من لديه الاستعداد أن ينتظر أحدهم عند درجة حرارة تبلغ 50 مئوية وإن كان حبيب القلب، لكنه انتظار مريح إذا ما كان في موسم الربيع ونسمات الهواء باردة.
لو تابعنا الكلمات المرتبطة بالطقس مثل الثلوج والمطر والبرد والحر في أي حكاية أو رواية فسنجدها في عشرات الصفحات، كما أن تأثيرها واضح على الأحداث أو على سلوك أبطالها.
في الأدب الروسي نجد تأثير البرد والثلوج، ونجد المطر في الأدب الإنجليزي، وحالة الطقس عمومًا هي أول ما يبدأ فيه الإنجليز حديثهم، وتفتخر البلدان ذات المناخ الصعب ببنيتها التحتية كونها أنشأتها في ظروف الطقس القاسي الذي تعيشه بلدهم. أما المناطق الدافئة شتاءً والوسطية صيفًا شكّل لهم هذا التميز مصدر رزق، كونها أصبحت بلدانًا سياحية. لم يغفل العشاق من ذكر ما عانوه من الطقس في غرامياتهم، وراح الشعراء يصفون ما يفعله النسيم بقلوبهم، والمطر في ذاكرتهم.
قبل أيام غرد فاضل العماني طارحًا السؤال التالي: هل بالفعل المرأة لا تنسى؟ ثم ذكر قصة حدثت بين فيروز وعاصي الرحباني كإجابة عن السؤال الذي طرحه، وكان المطر بطلاً من أبطال القصة (يقول عاصي الرحباني في أحد الحوارات الإذاعية: فيروز لا تنسى الإساءات أبدًا مهما كانت صغيرة، فقبل زواجنا منذ 20 عامًا وفي إحدى المرات، تأخرت عليها بعد أن طلبت منها أن تنتظرني لنذهب معًا للتسجيل، وللصدفة أمطرت يومها، وكانت فيروز قد انتظرت طويلاً تحت المطر، وبسبب ذاكرة فيروز التي لا تموت ظلت 20 عامًا تذكرني في كل مناسبة أنها جاءت للموعد، وانتظرت كثيرًا وتبللت بماء المطر، فقررت أن أكتب لها كلمات هذه الأغنية وتقديمها كاعتذار واضح لارتكابي خطأً بحق العاشقة التي لم ولن تنسى وكانت هذه الأغنية الخالدة:
بأيام البرد وأيام الشتى
والرصيف بحيرة والشارع غريق
تجي هاك البنت من بيتها العتيق
ويقل لها انطريني وتنطر عالطريق
ويروح وينساها وتدبل بالشتى)
بعد أن قرأت قصة الأغنية حمدت الله أن عاصي لم يكن دقيقًا في مواعيده، وأنه كان ملحنًا وشاعرًا، وذاك الموعد كان في يوم ممطر، والتي انتظرته هي فيروز، وأنها لا تنسى الإساءات، وإلا لما استمعنا لأغنية (حبيتك بالصيف حبيتك بالشتى).