|


طلال الحمود
ثورة النصر
2022-02-12
مع تحول الأندية إلى كيانات اقتصادية منتجة تبدلت أساليب الإدارة من التقليدية إلى الاحترافية وفقًا لما تتطلبه مصالح النادي ويكفل تنفيذ العقود المبرمة مع الجهات الشريكة، بعيدًا عن الاجتهادات والرغبات الخارجة عن نطاق الاستراتيجيات والعمل المؤسسي، وخلال السنوات الأخيرة تحولت كثير من الأندية السعودية إلى هذا النمط من أساليب الإدارة باستثناء النصر والشباب من خلال تمسكهما بأسلوب الصوت العالي والتأثير على المنافسين خارج الملعب وداخله.
ويجمع الوسط الرياضي على قوة تأثير التصريحات النارية والحرب الكلامية في السابق، ولم يكن تأثير عبد الرحمن بن سعود ومعه محمد العبد الله الفيصل ومنصور البلوي إلا نتيجة لعوامل وظروف صنعتها طبيعة المرحلة حينه، خاصة أن الصوت العالي كان أداة مؤثرة في الحرب الباردة بين القوى العظمى، ووسيلة جمال عبد الناصر وصدام حسين ومعمر القذافي لدغدغة مشاعر الجماهير وبث الحماسة في النفوس اليائسة، وصولًا إلى بيع الوهم على الجماهير للتغطية على فشل المصانع وتعطل خطوط الإنتاج.
في نادي الشباب تبدو الأجواء مهيأة للتحول إلى أسلوب الإدارة الحديثة، إلا أن قوة تأثير رئيسه خالد البلطان بشخصيته الصدامية وصوته العالي، تجعل انتقال هذا النادي إلى مرحلة الاحترافية والكيانات المنتجة رهن انتهاء فترة البلطان وطريقته الكلاسيكية، وغالبًا سيكون الشباب أكثر الأندية استفادة من الانتقال إلى مرحلة الإدارة الحديثة.
وتبدو المشكلة في نادي النصر أكبر وأعمق، خاصة أنها تهدد عمل الرؤساء الشبان الذين يأتون لإدارة النادي بفكر جديد وأساليب حديثة، وربما كانت تجربة مسلي آل معمر خير دليل على أن تقاليد الكيان ومقاومة التغيير ستفرض على رئيس النادي تلبية رغبات الجماهير وأعضاء الشرف، أو الاصطدام مع هذه التقاليد وحراسها ومن ثم الرحيل ووصم تجربته بالفشل والعجز عن مواصلة الكفاح بصوت عالٍ ضد المنافسين ومؤامراتهم.
عندما أتى آل معمر كانت مهمته إدارة النادي وتنفيذ خطط التطوير وفق قدراته وتأهيله العالي في مجال الإدارة والتسويق، غير أنه بمرور الوقت اكتشف أن مهمته الأولى تتمثل باعتلاء المنبر وإلقاء الخطب الحماسية ضد المنافسين وعقد الصفقات بما يغيض الأعداء وليس بما يفيد الفريق، حتى أصبح مجبرًا على تغيير خططه التي تستهدف تطوير النصر، وتعديلها إلى مشروع ردع من شأنه التصدي للخصوم وإحباط صفقاتهم وجعلهم هدفًا لسخرية الساخرين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا غالبًا ما حال بين النصر وقوة النصر مساء الجمعة الماضي في مباراة القمة أمام الاتحاد.