|


محمد المسحل
هذا الحكم المطلوب..
2022-03-05
“ما فيه سيارة يا حكم”،.. هذه العبارة هي أول عبارة سمعت المدرجات الرياضية تصدح بها، انتقادًا لمستوى التحكيم، وذلك في نهاية السبعينيات الميلادية، وامتدت بعدها لعقد من الزمان.
وكانت ببساطة تلمح بأن حكم المباراة موعود بهدايا “رشوات” من بعض منسوبي الأندية، وذلك لتمرير بعض القرارات لصالح أنديتهم، وكانت جزءًا من مفهوم نقل الموروث الناقم والإحساس المستمر بالمظلومية عبر الأجيال، لدرجة أن رؤساء ومنسوبي وجماهير الكثير من الأندية بدت وكأنها تقول:
“نريد حكمًا ينتقم لنا من نتائج حدثت قبل 10، و20 بل و40 عامًا، ونريده حكمًا لا يُخطئ، إلا على خصومنا! وأن يسعدنا بنتائج تثلج صدورنا، فلا يهم لو كان نادينا غارق بالمشاكل الإدارية والمالية والقانونية، ولا يهم لو كان بعض أو أغلب لاعبينا لم يستلموا حقوقهم، أو كانت مشاكلنا الفنية ورعونة لاعبينا أضاعت عشرات الفرص السهلة، ونريده أن يحل لنا مشكلة دخول بعض لاعبينا في شجار مع مدرب أو زميل في غرفة تبديل الملابس، قبل المباراة! وأن يتغاضى عن صراخ مدربنا ومدير فريقنا ولاعبينا “سواء الموجودين على الدكة ومن في داخل الملعب” واحتجاجهم على كل قرار! نريده “وسيع صدر” معنا نحن فقط! حتى لو شتمناه وشتمنا أمه وأبوه بأقذع السباب! فنحن مظلومون!
نريد هذا الحكم، وإلا فسنستمر بتعليق مشاكلنا على التحكيم، وبالتغاضي عن أخطائنا وعدم الاعتراف بها، وسنعلقها على شماعة التحكيم، وسنتّهم أي حكم لا يعجبنا، بأنه جزء من مؤامرة كونية ضد كياننا الذي لولا وجوده في الحياة، لما شرقت علينا شمس، ولما جرت الأنهار وما طار طير ولا نبتت أشجار! وسنتهمه حتى لو جاءنا من جزر هاواي أو من بين ثلوج الإسكيمو! فهو بالتأكيد وصل إليه من وصل، ليخبره عن نادينا ويحيك معه هذه المؤامرة، حيث إن الهم الشاغل في العالم الآن، هو أن يسقط كياننا!”.
أخي المشجع، تأكد أنه لن يأتي يوم فيه حكم لا يخطئ، بل وضد فريقك، وتأكد أن الخطأ طبيعة بشرية، لولاها، لما هبط أبونا آدم وزوجه من الجنة إلى الدنيا.
تأكد يا عزيزي، أن طبيعة المنافسات الرياضية، فوز وخسارة، وتنتهي بتتويج بطل واحد فقط، قد يكون فريقك، وقد لا يكون، مع وجود الأخطاء، وهي ليست نهاية الدنيا. ولذلك، طالب إدارة ناديك للتغلب على ظروفها وتصلح خللها، بدلاً من البكاء والتصدية وتحميل التحكيم مسؤولية عملهم. هذه هي الحقيقة، التي قد لا يستوعبها من ما زال في غيبوبة المظلومية.