ـ للتّأويل حدود!. فضاءاته رحبة لكنها ليست خَبَلًا، ولا دَرْوَشَة، ولا تهويمات فارغة!.
ـ كان حديثًا عابرًا، لكنّه ضيّق الأُفق والصَّدْر، قلتُ في نفسي: ما هكذا تُورد الإبل، وأضفتُ: ولا الحمير “وِحْيَاتَك”!. وانصرفتُ معتذرًا بموعد اخترعته فجأة وتصنّعتُ تعجّبًا وخجلًا من نسيانه لأبرّر استعجالي بالانسحاب من الجلسة!. ما الذي كان يمكن لي عمله غير هذا، وجليسي متحذلق على نحو لم أجرّب ثُقل طينته من قَبْل، على كل ما مرّ عليّ من ثقلاء التّثيقف!.
ـ كان يتحدّث عن “نجيب محفوظ”، ويُطري عليه. كاد يخدعني، لكن سرعان ما وضع نفسه في الخانة التي أسمّيها هازئًا: “خانة شكلك فاهم يا نُصَّه”!، وهي الخانة التي اخترعتها، في داخلي، لأضع فيها هذه النّوعيّة من النّاس!. كنتُ أظنّها امتلأت، لكن مع صاحبنا هذا اكتشفت أنها صُنِعَتْ من أجله، حتّى أنّ أبوابها فُتِحَت له دون طَرْق، وبمجرّد سماعه يقول: (نجيب محفوظ هذا عبقري، لاحظ.. لاحظ.. ما قام به في “الحرافيش”، في الصّفحة “67” الفقرة “40” كتب: “يقتربون من حافة الانهيار”، يا لها من نبوءة واتّهام وإدانة، تنبّأ بنكسة “67”، ووصف الحكومة بأنّها ضمن الـ”40” حرامي!. دقِّق في رقم الفقرة والصّفحة)!.
ـ ابتعدتُ وأنا أقول: لا، لا، هذا لا يُطاق!. كان صوتي يعلو كلّما تأكدتُ من عدم سماعه لي!. كيف أضاع شخص مثل هذا وقته في تفاهة الصُّدَف وخبط عشوائها؟!.
ـ ومثلما أنّ للتّأويل حدود، فللقطف والاقتباسات حدود، وأخلاقيّات!. ومن حدود الاقتباس وأخلاقيّاته، نسبة القول إلى صاحبه، هذا أمر بديهي لدرجة أنّ التّنبيه إليه يبدو من الكلام الزّائد وربما المُخجِل، لكن المُخجِل والمعيب أكثر هو ألّا يكون الأمر كذلك!.
ـ من أخلاقيّات الاقتباس وآدابه أيضًا، التّأكّد من صحة نسبة القول للقائل!. وفي هذه الحالة فإنّ آخر ما يمكنك الوثوق به هو محرّكات البحث العامّة!. يا للاستسهال!.
ـ ثمّ إنّه يمكن لك، في تطبيقات التّواصل، تتبّع حسابات كثيرة بأسماء فلاسفة وشعراء وأدباء كبار، أسماء مدوّيّة عبر التاريخ، من أفلاطون للمتنبّي لشكسبير لمحمود درويش لغيرهم، ما أن تقرأ لهم حتى يصيبك الغيظ والخجل، فأصحاب هذه الحسابات، أصحابها الحقيقيّون، يثرثرون بكلمات فارغة كثيرة، ينسبونها إلى الوجوه المضيئة التي يلبسونها كأقنِعَة!.
ـ ويظلّ من أكثر الالتباسات حدوثًا، نتيجةً لقلّة الوعي والفهم والأمانة، ما يحدث للرّوائيين!. يمكن للمُقتَبِس ألّا يكون مختلسًا ولا سارقًا، لكنه مع ذلك عاسف وجائر!.
ـ الرّوايات تتيح سيلًا من السّخافة في هذا الأمر يُعرَفُ مَرَدّه ويصعب صدّه. ومردّه طبعًا عدم الفهم والذي يُنتج تداخلًا، فيه من البغي الكثير، بين الكاتب وبين الشخصيّات الروائيّة وما تقول!.
ـ “إنّ الهواء في البيت، بكل بساطة، هو هواء مميت”!. من قائل هذه العبارة، إنه ليس “دوستويفسكي” يا آدمي!. لكنه “ماكار دييفوشكين”!. ومَن “دييفوشكين” هذا؟! شخصيّة في رواية من روايات “دوستويفسكي” وليس “دوستويفسكي” نفسه!. أنتَ لو نسبتَ كلّ أقوال الشخصيّات الرّوائية إلى الرّوائي، لما نتج عن ذلك غير شخصيّة وهميّة مهوّمَة تقول الشيء وعكسه، الشيء وضدّه، الشيء ونقيضه!.
ـ كان حديثًا عابرًا، لكنّه ضيّق الأُفق والصَّدْر، قلتُ في نفسي: ما هكذا تُورد الإبل، وأضفتُ: ولا الحمير “وِحْيَاتَك”!. وانصرفتُ معتذرًا بموعد اخترعته فجأة وتصنّعتُ تعجّبًا وخجلًا من نسيانه لأبرّر استعجالي بالانسحاب من الجلسة!. ما الذي كان يمكن لي عمله غير هذا، وجليسي متحذلق على نحو لم أجرّب ثُقل طينته من قَبْل، على كل ما مرّ عليّ من ثقلاء التّثيقف!.
ـ كان يتحدّث عن “نجيب محفوظ”، ويُطري عليه. كاد يخدعني، لكن سرعان ما وضع نفسه في الخانة التي أسمّيها هازئًا: “خانة شكلك فاهم يا نُصَّه”!، وهي الخانة التي اخترعتها، في داخلي، لأضع فيها هذه النّوعيّة من النّاس!. كنتُ أظنّها امتلأت، لكن مع صاحبنا هذا اكتشفت أنها صُنِعَتْ من أجله، حتّى أنّ أبوابها فُتِحَت له دون طَرْق، وبمجرّد سماعه يقول: (نجيب محفوظ هذا عبقري، لاحظ.. لاحظ.. ما قام به في “الحرافيش”، في الصّفحة “67” الفقرة “40” كتب: “يقتربون من حافة الانهيار”، يا لها من نبوءة واتّهام وإدانة، تنبّأ بنكسة “67”، ووصف الحكومة بأنّها ضمن الـ”40” حرامي!. دقِّق في رقم الفقرة والصّفحة)!.
ـ ابتعدتُ وأنا أقول: لا، لا، هذا لا يُطاق!. كان صوتي يعلو كلّما تأكدتُ من عدم سماعه لي!. كيف أضاع شخص مثل هذا وقته في تفاهة الصُّدَف وخبط عشوائها؟!.
ـ ومثلما أنّ للتّأويل حدود، فللقطف والاقتباسات حدود، وأخلاقيّات!. ومن حدود الاقتباس وأخلاقيّاته، نسبة القول إلى صاحبه، هذا أمر بديهي لدرجة أنّ التّنبيه إليه يبدو من الكلام الزّائد وربما المُخجِل، لكن المُخجِل والمعيب أكثر هو ألّا يكون الأمر كذلك!.
ـ من أخلاقيّات الاقتباس وآدابه أيضًا، التّأكّد من صحة نسبة القول للقائل!. وفي هذه الحالة فإنّ آخر ما يمكنك الوثوق به هو محرّكات البحث العامّة!. يا للاستسهال!.
ـ ثمّ إنّه يمكن لك، في تطبيقات التّواصل، تتبّع حسابات كثيرة بأسماء فلاسفة وشعراء وأدباء كبار، أسماء مدوّيّة عبر التاريخ، من أفلاطون للمتنبّي لشكسبير لمحمود درويش لغيرهم، ما أن تقرأ لهم حتى يصيبك الغيظ والخجل، فأصحاب هذه الحسابات، أصحابها الحقيقيّون، يثرثرون بكلمات فارغة كثيرة، ينسبونها إلى الوجوه المضيئة التي يلبسونها كأقنِعَة!.
ـ ويظلّ من أكثر الالتباسات حدوثًا، نتيجةً لقلّة الوعي والفهم والأمانة، ما يحدث للرّوائيين!. يمكن للمُقتَبِس ألّا يكون مختلسًا ولا سارقًا، لكنه مع ذلك عاسف وجائر!.
ـ الرّوايات تتيح سيلًا من السّخافة في هذا الأمر يُعرَفُ مَرَدّه ويصعب صدّه. ومردّه طبعًا عدم الفهم والذي يُنتج تداخلًا، فيه من البغي الكثير، بين الكاتب وبين الشخصيّات الروائيّة وما تقول!.
ـ “إنّ الهواء في البيت، بكل بساطة، هو هواء مميت”!. من قائل هذه العبارة، إنه ليس “دوستويفسكي” يا آدمي!. لكنه “ماكار دييفوشكين”!. ومَن “دييفوشكين” هذا؟! شخصيّة في رواية من روايات “دوستويفسكي” وليس “دوستويفسكي” نفسه!. أنتَ لو نسبتَ كلّ أقوال الشخصيّات الرّوائية إلى الرّوائي، لما نتج عن ذلك غير شخصيّة وهميّة مهوّمَة تقول الشيء وعكسه، الشيء وضدّه، الشيء ونقيضه!.