|


مونديال العرب

صالح المطلق 2022.04.02 | 12:06 am

لا يوجد للجماهير الرياضية حديثٌ، أو متابعةٌ، أو اهتمامٌ إلا انتظار نتائج قرعة مونديال 2022 وتوزيع المنتخبات على المجموعات في أكبر محفل كروي يتطلع إليه وينتظره عشاق اللعبة كل أربع سنوات، وهذا ما حدث بالفعل، حيث عرف كل منتخب موقعه، وبدأت الحسابات الفنية تتغيَّر، والطموح يقل، أو يكبر بحسب المواجهات وقوة المجموعة.
لا شكَّ أن هذه التظاهرة العالمية تستحق كل هذا الانتظار والمتابعة والحماس، خاصةً أنها تحمل في مضمونها عديدًا من الأفكار الفنية، والتنافس المثير لتجاوز مراحل تصفيات المجموعات، وتقديم كل ما هو جديد من النواحي الفنية والبدنية والنفسية، والتجهيز الكامل لكل ما يسهم في تقديم المستويات الجيدة، وتحقيق لقب البطولة، وهذا ما اعتدنا على متابعته من خلال أداء المنتخبات المهيمنة على هذا اللقب منذ بداية أول مونديال وحتى الآن، ولقد كان اللعب الجماعي، والأسلوب المفتوح، والاعتماد على الطرق الهجومية، والمهارة الفردية الخيار الدائم والمستمر في كل المناسبات الأولى لكأس العالم، ومن خلالها برزت أسماء لامعة، ونجوم كبار في صناعة اللعب وتسجيل الأهداف وقيادة المنتخب. من أفضل وألمع نجوم تلك المرحلة بيليه، وبكنباور، وكرويف، وزيكو، وسقراط، ومارادونا، وإيدر، وغيرهم من الأسماء التي أثرت الملاعب الكروية بكل فن وأناقة، وبكل معنى جميل ورائع للتنافس وإثبات الأفضلية بشكل أبهر العالم، وأعطى اللعبة مدرسةً وأسلوبًا خاصًّا، يختلف من منتخب لمنتخب، ومن لاعب لآخر، وكأنك أمام مجموعة من الثقافات الخاصة والمعبِّرة عن كل شعب، وعمَّا يملك من مواهب وإبداعات، تسطِّرها أقدام النجوم، وتحرِّكها أفكار وعقول المدربين.
وكما هو معروف، في كل مناسبة لكأس العالم، يبدأ الاختلاف، وتظهر الاتجاهات الفنية بشكل مختلف ومغاير عن كل ما سبق من طرق لعب وأسلوب تنفيذ. لقد نجح منتخب فرنسا بقيادة ديدييه ديشان في تطبيق أكثر من أسلوب لعب أثناء المباراة، فقد يبدأ بالضغط والوجود الكامل في ملعب المنتخب المنافس، وفجأة يتراجع لدفاع المنطقة، وبعد ذلك يتكتل ويلعب على الارتداد السريع واستغلال مهارة وسرعة مبابي. ومن خلال وجود رأس الحربة جيرو كلاعب استقبال لجميع الكرات داخل المنطقة، يخيَّل للجميع أن 4ـ5ـ1 هي الطريقة التي يعتمدها المنتخب الفرنسي، والحقيقة هي أن مشتقات الطريقة، واعتماد التنوع بتنفيذ أساليب اللعب، تعطي جميع أفراد المنتخب الفرنسي الحرية الكاملة للتعبير عن الذات، وإتقان كل التعليمات الفنية بشكل غير مسبوق. وبعد الانتصار بكأس العالم وإبداع ديشان تغيَّرت كل الآراء التي قالت إن الظواهر الفنية توقفت وليس لها وجود بعد نجاحات ساكي ومنتخب إيطاليا في كأس العالم 1982.