كنت بين خيارين، أن أدخل في دوامة جلد الذات والكآبة، أو أخرج منها وكأن ما حصل روتيناً، أما ما حصل فهو أنني فقدت شنطتي التي أحمل فيها الآيباد والمحفظة بكل ما فيها من بطاقات، سواء رخصة القيادة أو الهوية أو البطاقة البنكية، وهاتفاً فيه أرقام كثيرة.
كنت قد فقدت شنطة شبيهة قبل أربعة أعوام، وما قبل أربعة أعوام إلى اليوم فقدت محفظتي مرتين دون احتساب هذه المرة، وفقدت هاتفين دون احتساب المرات التي كنت أعثر فيها على الهاتف المفقود. كل هذه الحسابات عن فترة 4 أعوام فماذا عن قبل؟ يقال أن البكاء على اللبن المسكوب ضياع للوقت، ولن أضيف بأنه قلة عقل أيضاً لأنني قررت أن أخرج مثل كل مرة من دوامة جلد الذات على كثرة نسياني المكلفة، فلا فسحة عندي لكي أدخل مثل هذه الدوامات النفسية، وكما قال شارل بودلير (وبكل هشاشتك لا يحق لك أن تميل لأن ثمة من يتكئ عليك) لا يبدو مع نسياني المتكرر أن هناك من يتكئ علي، يبدو أنني أنا من يتكئ. الحقيقة أن خروجي المتكرر والسريع من دوامة جلد الذات بعد كل مرة أفقد فيها شنطتي أو هاتفي سببه قراءتي السابقة عن بعض المشاهير من علماء وشخصيات فذة، وأن معظمهم كان فيهم أمر غير عادي، إما نسيان شديد، أو تصرفات غير طبيعية، شيء أشبه بدفع ضريبة على الموهبة التي لديهم، أما أنا فليس عندي حل غير أن أشبّه نفسي بهم، حتى لو كنت بلا موهبة، لا حل عندي.. سوى أن أقول بأنني عقلية فذة وكثرة النسيان هي الضريبة التي أدفعها مقابل المستوى الفكري العالي، أو أن أنزوي وأجلد ذاتي وأبكي على اللبن الذي أسكبه كل مرة. اخترت الاعتقاد بأن نسياني الشديد يقابله عقل لم يعرف العرب قيمته إلى الآن، ولا يبدو أنهم سيعرفون. كان جيرالد ثيرويت ويلسون متعدد الإبداع، فهو روائي ورسام وموسيقي، ولا أظن أن كل هذه المواهب لن يكون عليها ضريبة، إليكم ما دفعه ويلسون من سلوك غريب، فقد كان حريصاً في كل يوم أن يشرب الشاي بجانب الزرافة التي تقيم معه في قصره، فكانت تجلب له إلى الصالون ليشرب الشاي بقربها، اعتاد فعل ذلك سنوات طويلة. كانت ضريبة مواهب ويلسون هي الشاي مع الزرافة. يقال أن الكاتب الإيرلندي جيمس جويس دفع ضريبة غريبة مقابل موهبته، فقد كان لا يستطيع الكتابة إلا في سفينة وهي تجْنح، وأنه كان يدفع لقبطان السفينة لكي يبقيها جانحة، هذا ما قيل ولا أعتقد بأنه صحيح تماماً، قد يكون جيمس يفضل ركوب سفينة جانحة عدة دقائق، لكنه لا يستطيع أن يكتب كل ما كتبه على هذه الوضعية. قد يكون لكل موهوب عادة غريبة على أن تكون غير مفتعلة، بالنسبة لي العادة موجودة وهي النسيان، كل ما تبقى بالنسبة لي هي الموهبة، آمل ألّا تصل متأخرة وبعد الكثير مما سأنساه وأفقده.
كنت قد فقدت شنطة شبيهة قبل أربعة أعوام، وما قبل أربعة أعوام إلى اليوم فقدت محفظتي مرتين دون احتساب هذه المرة، وفقدت هاتفين دون احتساب المرات التي كنت أعثر فيها على الهاتف المفقود. كل هذه الحسابات عن فترة 4 أعوام فماذا عن قبل؟ يقال أن البكاء على اللبن المسكوب ضياع للوقت، ولن أضيف بأنه قلة عقل أيضاً لأنني قررت أن أخرج مثل كل مرة من دوامة جلد الذات على كثرة نسياني المكلفة، فلا فسحة عندي لكي أدخل مثل هذه الدوامات النفسية، وكما قال شارل بودلير (وبكل هشاشتك لا يحق لك أن تميل لأن ثمة من يتكئ عليك) لا يبدو مع نسياني المتكرر أن هناك من يتكئ علي، يبدو أنني أنا من يتكئ. الحقيقة أن خروجي المتكرر والسريع من دوامة جلد الذات بعد كل مرة أفقد فيها شنطتي أو هاتفي سببه قراءتي السابقة عن بعض المشاهير من علماء وشخصيات فذة، وأن معظمهم كان فيهم أمر غير عادي، إما نسيان شديد، أو تصرفات غير طبيعية، شيء أشبه بدفع ضريبة على الموهبة التي لديهم، أما أنا فليس عندي حل غير أن أشبّه نفسي بهم، حتى لو كنت بلا موهبة، لا حل عندي.. سوى أن أقول بأنني عقلية فذة وكثرة النسيان هي الضريبة التي أدفعها مقابل المستوى الفكري العالي، أو أن أنزوي وأجلد ذاتي وأبكي على اللبن الذي أسكبه كل مرة. اخترت الاعتقاد بأن نسياني الشديد يقابله عقل لم يعرف العرب قيمته إلى الآن، ولا يبدو أنهم سيعرفون. كان جيرالد ثيرويت ويلسون متعدد الإبداع، فهو روائي ورسام وموسيقي، ولا أظن أن كل هذه المواهب لن يكون عليها ضريبة، إليكم ما دفعه ويلسون من سلوك غريب، فقد كان حريصاً في كل يوم أن يشرب الشاي بجانب الزرافة التي تقيم معه في قصره، فكانت تجلب له إلى الصالون ليشرب الشاي بقربها، اعتاد فعل ذلك سنوات طويلة. كانت ضريبة مواهب ويلسون هي الشاي مع الزرافة. يقال أن الكاتب الإيرلندي جيمس جويس دفع ضريبة غريبة مقابل موهبته، فقد كان لا يستطيع الكتابة إلا في سفينة وهي تجْنح، وأنه كان يدفع لقبطان السفينة لكي يبقيها جانحة، هذا ما قيل ولا أعتقد بأنه صحيح تماماً، قد يكون جيمس يفضل ركوب سفينة جانحة عدة دقائق، لكنه لا يستطيع أن يكتب كل ما كتبه على هذه الوضعية. قد يكون لكل موهوب عادة غريبة على أن تكون غير مفتعلة، بالنسبة لي العادة موجودة وهي النسيان، كل ما تبقى بالنسبة لي هي الموهبة، آمل ألّا تصل متأخرة وبعد الكثير مما سأنساه وأفقده.