|


د.تركي العواد
Blueprint
2022-04-25
قبل أن تبدأ أي بناء كان يُطلب منك مخطط أو ما يطلق عليه “blueprint”. وهو ببساطة تصميم أو رسم هندسي يحدد بالتفصيل كل ما يخص المبنى. التسمية تعود لأكثر من قرن من الزمان عندما كانت مخططات المشاريع تتكون من خطوط بيضاء على أرضية زرقاء أو خطوط زرقاء على أرضية بيضاء.
اليوم أصبحنا نسمع المصطلح بشكل مستمر في الرياضة عامة وعلى الخصوص كرة القدم. وقد ألهمت التجربة الإنجليزية في الفئات السنية خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من الدول لمعرفة سر الانفجار الهائل الذي حصل في تحقيق البطولات الدولية في عام 2017. حيث وصل منتخب إنجلترا للمباراة النهائية في بطولة أوروبا تحت 17 وخسر بركلات الجزاء. ثم عاد ليحقق كأس العالم أمام إسبانيا التي خسر منها في بطولة أوروبا. ثم حقق منتخب إنجلترا كأس العالم تحت 20 بالفوز على فنزويلا. وفاز منتخب تحت 19 بكأس أوروبا وغيرها من الإنجازات القارية والعالمية غير المسبوقة للإنجليز.
ستيف كوبر، مدرب المنتخب تحت 17، تحدث عن المخطط الذي أسفر عن مثل هذه النتائج المثيرة قائلاً: “جميع الفرق السنية تلعب بطريقة واحدة. نحن نخطط للمشاركات ونشارك كل شيء، وهذا هو الحمض النووي الذي نتحدث عنه”. وأضاف “تنتظرنا سنوات طويلة، المخطط لا يزال في مهده”.
سايمن أوستن ذكر أن الحمض النووي للمنتخبات الإنجليزية يتضمن السمات التقنية “المهارات والقدرة على اتخاذ القرار”، والثقافة والقيم “الفخر والنزاهة والتميز والتعاون”، وأهداف التدريب “منهجية واضحة ومتسقة”.
يضرب أوستن مثلاً بـ “حارس مرمى إنجلترا المستقبلي”، الذي يصفه بأنه حارس طويل يمكنه “لعب دور مهم في جميع جوانب فلسفة اللعب عند الاستحواذ”، ويقوم بدوره كلاعب يساعد في التمرير ويملك القدرة على الاحتفاظ بالكرة دون تشتيتها.
نحتاج في المملكة لمخطط واضح ومفصل يبين لنا شكل وطريقة وفلسفة المنتخب السعودي في المستقبل. اليوم اللاعبون يصنعون ويوجهون بشكل يخدم المنتخب ويساعده على تحقيق أهدافه.
أما البناء بدون “blueprint” فسيفتح الباب للاجتهادات الفردية والعمل غير المتسق الذي يجعل كل لاعب يلعب بطريقته الخاصة التي لا تتناسب مع الفريق. أتمنى أن يأتي يوم ويكون لدينا الحمض النووي الخاص بمنتخبنا، الذي من خلاله يمكن أن نعرف شكل ومواصفات “قلب دفاع السعودية المستقبلي”، لأنني أريده صلبًا في الالتحامات وجيدًا في الكرات الهوائية ولا ينبرش أبدًا.