أحمد الحامد⁩
المقهى والطريق
2022-05-08
في العالم دائمًا هناك من لديه أفكار جديدة ناجحة، وعادة تنجح الأفكار التي يكون الناس بحاجة إليها، أي أنها تسد نقصًا أو توجد حلاً، افتتاح مشروع مقهى مثله مثل أي مشروع تجاري قد ينجح وقد يفشل، لكن أي أفكار جديدة للمقهى قد ترفع نسبة نجاحه.
هكذا يحرص التجار على تطوير المشاريع وبث روح جديدة، في اليابان افتتح أحدهم مقهى مخصص لكل من لديه عمل ينجزه على جهاز كمبيوتر أو مشروع كتابي يود الانتهاء منه، عندما تدخل المقهى يسألك الموظف عما تود إنجازه، وعندما تجلس بإمكانك أن تشرب ما تشاء من القهوة والعصائر، لأن الفاتورة على مدة البقاء في المقهى لا على ما تشربه، لكن الموظفين لن يسمحوا لك بالمغادرة حتى يتأكدوا أنك أنهيت مهمتك ولا يقبلون أي أعذار للخروج قبل إتمام العمل.
يقال إن المقهى حقق نجاحًا كبيرًا لأنه وجد حلاً للمسوفين، وللذين لا يتحملون الجلوس طويلاً لإنجاز أعمالهم، لأن معرفتهم بأن لا حل عندهم للخروج من المقهى إلا بإنجاز العمل هو من أجبرهم على إنجازه.
بعض الناس لا ينجزون إلا عندما يجبرون، تمنيت لو أن هذا المقهى موجود في مدينتنا، حينها سأنهي الكثير من المشاريع الكتابية المؤجلة فأستفيد ويستفيد المقهى، المتضرر الوحيد سيكون القارئ طبعًا!
ـ لا تتوقف الأخبار الواردة من الجامعات في العالم عن التحاق كبار السن أو تخرجهم فيها، ففي كل عام نقرأ أن سبعيني أو ثمانيني أو حتى تسعيني إما التحق أو تخرج في الجامعة، والملاحظ أن التحاقهم المتأخر بالدراسة الجامعية له أسباب داخلية عميقة في نفوسهم، لأنهم يعلمون أن شهادتهم لن تنفعهم ليعملوا كموظفين لأنهم في سن التقاعد، إنما أرادوا أن يحققوا رغبة كامنة في نفوسهم بالدخول إلى الجامعة التي حرموا منها، بسبب الظروف أو بسبب تهاونهم وعدم جديتهم في ذلك الوقت.
بعد يومين أنا مدعو لتناول وجبة عشاء يفترض أنها لذيذة بمناسبة تخرج أحد الأصدقاء الخمسيني في الجامعة، وحصوله على البكالوريوس، فاجأتني المناسبة ولم أكن أعلم بأنه قد التحق بالجامعة، فسألته ومنذ متى وأنت تدرس؟ أجاب بأنه وقبل 4 سنوات قرأ خبرًا عن تخرج ثمانيني في الجامعة، أثار الخبر حماسته واقتنع بأن الطريق مفتوح أمامه، وقال إنه وجد الوقت الكافي لمتابعة دراسته بمجرد أن نظم وقته. وانتبه بعد مدة قليلة أنه كان يضيع الكثير من الوقت دون فائدة، وأنه كان موهومًا عندما كان يعتقد بأن الطريق إلى الجامعة أصبح بعيدًا لكثرة مشاغله. منذ هذه الدعوة وأنا أستذكر كل ما منعتني الظروف عنه، أو اعتقدت خطأً بأنه صار بعيدًا، الأكيد أنني أعرف الطريق هذه المرة.. أقصد الطريق إلى دعوة العشاء.