|


أحمد الحامد⁩
قصص
2022-05-10
الناس تحب سماع القصص، هناك متعة في الاستماع لها وتخيل مشاهدها، وهو السبب نفسه الذي يحرّض بعض القراء لمتابعة حكايا المشاهير ويومياتهم أو قضايا طلاقهم.
حكاية القضية التي رفعها جوني ديب ضد مطلقته آمبر هيرد حصلت على متابعة من عشرات الملايين حول العالم، وانقسم الناس ما بين جوني وآمبر، كل يدافع عمن يتعاطف معه، سمعت بأن الإنجليز متعاطفون مع آمبر، بينما جوني حصل على تعاطف أكثر من الأمريكان، حتى قصص المناوشات بين الفنانين والفنانات تحظى بالاهتمام، المغنية تمارا قالت عن فستان المغنية نمارا بأنه قليل ذوق، ونمارا ترد بأنها تعرف الذوق لأنها من عائلة “شبعانة”، ثم يجمعهما لقاء تتصالحان فيه، فيصبح الصلح قصة جديدة. أما الصحافة فهذا من مصادر رزقها.. كان أحد الزملاء يعمل معدًا في مجلة فنية عربية، وكان مهتمًا بالأغنية العربية، يكتب عن الموسيقى ومقامات ألحان الأغاني، حتى جاءته مسؤولة التحرير يومًا وقالت له برفق: “بعرف إنك شاطر بالموسيقى وهذا تخصصك.. بس بشرفك خلّصنا من الصبا والنهاوند وجيب أخبار فلانة وشو ردت علانة.. روح جيب قصصهن وانشرها بدنا نبيع”. ولأن الناس يحبون الاستماع وقراءة القصص خصصت الصحف صفحات وأقسامًا خاصة بالجرائم.. هل تحب الناس الجرائم؟ لا طبعًا، ولكنهم يبحثون عن القصص داخل الجرائم. حتى في اليوتيوب تحصل الحلقات المخصصة للقصص على مشاهدات عالية. يقال إن القصص تصنع الهالة، عندما يستمع أحد قصصًا عن شخص ما فإنه يصنع في مخيلته هالة عن هذا الشخص، حصل بعض المشاهير على هذه الهالة من خلال القصص التي ترددت عنهم، بعضها ليس حقيقيًا، لكنها انتشرت أكثر من بعض أغانيهم أو مؤلفاتهم. في عالم التجارة هناك وجود للقصة لصنع الهالة للمُنتج، وتعتبر مصاحبة القصة للمنتج ضرورة تسويقية، أي سوّق للمنتج من خلال القصة عن المنتج. تعرفت على شاب عربي اسمه صالح يبيع العطور في أحد المتاجر الشهيرة في لندن، كان بائعًا لدى دار متخصصة بالعطور، بدأ يقص عليّ قصة كل عطر، هذا العطر يحاكي فيه العطار موقد النار ورائحة الدخان التي بقيت عالقة في مخيلته عندما كان يزور جده في المزرعة، وهذا العطر عبارة عن رائحة العشب التي ما زال يتذكرها عندما كان والده يجز العشب، وهذا العطر فيه رائحة الفانيلا نفسها في المخبوزات التي كانت تصنعها أمه، وعندما سألته عن سبب حفظه لقصص هذه العطور أجاب بأنهم دربوه على حفظها، وضرورة حكايتها للزبائن، لأن ذلك يصنع الهالة للعطر، ولأن الناس تحب سماع القصص وتتناقلها وتتعاطف مع أبطالها. في الحقيقة إن الاستماع لقصص العطور صنع عندي عاطفة لتلك العطور، لكنني لم أشتر منها لأنها باهظة الثمن، أما صالح فصار من أصدقاء لندن.