يجب أن أرفع قضية على ملَّاك اليوتيوب، لأن اليوتيوب غيّر من عادة القراءة المسائية التي رافقتني ما يقرب من عشرين عامًا، صرت لا أنام إلا بعد أفتح اليوتيوب وأتابع لقاءً مع شخصية تقول كلامًا له قيمته.
فتحولت الفترة المسائية إلى فترة مشاهدة واستماع لا فترة قراءة، وهذا ما سبب لي ضررًا نفسيًا لأنني أدرك أن أية وسيلة أخرى لن تعوض فائدة القراءة، ولأن ضميري يعاتبني على تراجع الأوقات المخصصة لها، حتى أنني أسمع في بعض الأحيان التي لا يعمل فيها عقلي بصورة جيدة صوتًا داخليًا يقول: هذا بسبب أنك لم تعد تقرأ بصورة جيدة. لكن القضية التي سأرفعها نسبة خسارتها مرتفعة، لأن اليوتيوبيين لديهم دفاعاتهم وحججهم القوية، فقد وفروا محتوى لم يتوفر في الكتب، خاصة تلك الدروس التعليمية العملية لشتى المجالات، وهي ما تعلم منها ملايين الناس وصارت مصدر رزقهم، شاهدت بعض الحرفيين الذين قالوا بأنهم تعلموا حرفتهم من الحلقات التعليمية على اليوتيوب، وأعرف شخصًا تعلم إصلاح أجهزة الجوال من الدروس التي تابعها، وأعتقد بأن الكثير من النساء أصبحن ماهرات في الطبخ بسبب مشاهدة حلقات الطبخ على اليوتيوب، بالإضافة إلى أنه مصدر رزق لصنّاع المحتوى، ويدفع لهم على عدد المشاهدات، بعضهم صار المحتوى الذي يقدمه هو مصدر دخله الوحيد، بينما لا تدفع دور نشر الكتب في المنطقة العربية شيئًا يذكر للكتّاب، وقد يكون لدور النشر أعذارهم، أولها أن عدد القراء العرب قليل نسبيًا، وهذا يعني أن عدد الكتب المباعة قليلة وبالكاد تغطي تكاليف الكثير من الكتب التي تم نشرها. تجربة عشر سنوات من متابعة اليوتيوب كانت فوائدها كثيرة، شاهدت العديد من الدورات التعليمية، وتعرفت على مستوى بعض المنتجات قبل قرار شرائها، وشاهدت عشرات المحاضرات المفيدة، ومئات اللقاءات مع أكاديميين واقتصاديين وسياسيين وممثلين، ومئات الساعات من البرامج الوثائقية عن عالم البحار والبراري وعن الشخصيات التاريخية وبعض من تركوا أثرًا، وشاهدت كيف تدور الآلات وتعمل المصانع، واطلعت على بعض الأماكن قبل زيارتها، صحيح أن كل ذلك لم يثمر في عقلي كونه حالة استثنائية خاصة لكن هذا لا ينفي أن المحتوى ممتع ومفيد، والمتأمل في اليوتيوب سيكتشف أنه يشبه العالم، فيه من يعرف كيف يستفيد منه، وفيه من يقضي وقته دون مكسب معرفي يحققه، ومثلما نحتاج إلى حسن إدارة وقتنا والاستفادة منه مع المحافظة على صحتنا النفسية في حياتنا اليومية، نحتاج أن نفعل ذلك في عالم اليوتيوب، هناك من يقدمون محتوى متطرفًا، وأعرف صديقًا تم اختطاف عقل ابنه فكريًا، واضطر أن يلازمه مدة طويلة لكي يزيل من فكره ما علق من أفكار متطرفة. لا أظن بأنني سأكسب القضية ضد اليوتيوب إذا رفعتها ضدهم، وقد يطالبونني بتعويض، وقد يسألني محاميهم: هل تعلمت مهارة مفيدة من كل الدروس الموجودة على المنصة؟
فتحولت الفترة المسائية إلى فترة مشاهدة واستماع لا فترة قراءة، وهذا ما سبب لي ضررًا نفسيًا لأنني أدرك أن أية وسيلة أخرى لن تعوض فائدة القراءة، ولأن ضميري يعاتبني على تراجع الأوقات المخصصة لها، حتى أنني أسمع في بعض الأحيان التي لا يعمل فيها عقلي بصورة جيدة صوتًا داخليًا يقول: هذا بسبب أنك لم تعد تقرأ بصورة جيدة. لكن القضية التي سأرفعها نسبة خسارتها مرتفعة، لأن اليوتيوبيين لديهم دفاعاتهم وحججهم القوية، فقد وفروا محتوى لم يتوفر في الكتب، خاصة تلك الدروس التعليمية العملية لشتى المجالات، وهي ما تعلم منها ملايين الناس وصارت مصدر رزقهم، شاهدت بعض الحرفيين الذين قالوا بأنهم تعلموا حرفتهم من الحلقات التعليمية على اليوتيوب، وأعرف شخصًا تعلم إصلاح أجهزة الجوال من الدروس التي تابعها، وأعتقد بأن الكثير من النساء أصبحن ماهرات في الطبخ بسبب مشاهدة حلقات الطبخ على اليوتيوب، بالإضافة إلى أنه مصدر رزق لصنّاع المحتوى، ويدفع لهم على عدد المشاهدات، بعضهم صار المحتوى الذي يقدمه هو مصدر دخله الوحيد، بينما لا تدفع دور نشر الكتب في المنطقة العربية شيئًا يذكر للكتّاب، وقد يكون لدور النشر أعذارهم، أولها أن عدد القراء العرب قليل نسبيًا، وهذا يعني أن عدد الكتب المباعة قليلة وبالكاد تغطي تكاليف الكثير من الكتب التي تم نشرها. تجربة عشر سنوات من متابعة اليوتيوب كانت فوائدها كثيرة، شاهدت العديد من الدورات التعليمية، وتعرفت على مستوى بعض المنتجات قبل قرار شرائها، وشاهدت عشرات المحاضرات المفيدة، ومئات اللقاءات مع أكاديميين واقتصاديين وسياسيين وممثلين، ومئات الساعات من البرامج الوثائقية عن عالم البحار والبراري وعن الشخصيات التاريخية وبعض من تركوا أثرًا، وشاهدت كيف تدور الآلات وتعمل المصانع، واطلعت على بعض الأماكن قبل زيارتها، صحيح أن كل ذلك لم يثمر في عقلي كونه حالة استثنائية خاصة لكن هذا لا ينفي أن المحتوى ممتع ومفيد، والمتأمل في اليوتيوب سيكتشف أنه يشبه العالم، فيه من يعرف كيف يستفيد منه، وفيه من يقضي وقته دون مكسب معرفي يحققه، ومثلما نحتاج إلى حسن إدارة وقتنا والاستفادة منه مع المحافظة على صحتنا النفسية في حياتنا اليومية، نحتاج أن نفعل ذلك في عالم اليوتيوب، هناك من يقدمون محتوى متطرفًا، وأعرف صديقًا تم اختطاف عقل ابنه فكريًا، واضطر أن يلازمه مدة طويلة لكي يزيل من فكره ما علق من أفكار متطرفة. لا أظن بأنني سأكسب القضية ضد اليوتيوب إذا رفعتها ضدهم، وقد يطالبونني بتعويض، وقد يسألني محاميهم: هل تعلمت مهارة مفيدة من كل الدروس الموجودة على المنصة؟