|


تركي السهلي
عبد الرحمن بن سعود
2022-07-30
في التاسع والعشرين من يوليو 2004م رحل عبد الرحمن بن سعود عن الدنيا.
والسير الطويلة لا تموت. غادر وقد قضى ثلثي عمره الذي بدأ نوفمبر 1940م في النصر. كان موته صعبًا لأنّه لم يعش من أجل أن يحيا بصمت أو دون أن يؤثّر. وُلِد في الرياض الثالث عشر من الأبناء للملك سعود ودرس في “الأنجال” على يد “المُربّي الفاضل” عثمان الصالح واشتد عوده نابغًا بين الفروسية والشعر والخطابة والكتابة في صحيفة المعهد. يلاحق عبد الرحمن بن سعود الكلمة من أجل أن ينطق الحق. حين يتحدث تدور أقواله بين الأفواه علامة بين الناس لا تغيب، وميزانًا للراجح من القول، ومدىً لا حدود له من البيان. دارت أيّام “أبي خالد” بين “الشميسي” وشارعي “عسير” و”الخزّان” ومقر نادي النصر وليالي الانتصار والفنانين واللاعبين والمثقفين والصحافيين والمحرومين ومجالس الأمراء والمتشاركين معه في الذائقة والمحبّة والأصدقاء له والمختلفين معه. حينما توقف قلبه ومات قال الجميع إنّه آخر نبض في الناصرية. كان الأمير عبد الرحمن مزيجًا بين البسطاء والأمراء وقد عاش منحازًا للإنسان دون اعتبارات ولم يتخلّ أبدًا عن فروسيته والتعامل مع كُل الطبقات. لم يكن فوقيًّا ولا برجوازيًّا لكنّه حين كان يلتقي بالملوك كان يعرف جيدًا كيف يتعامل مع الملوك.
بدأت رحلة عبد الرحمن بن سعود مع النصر في عام 1963م وقبلها كان يراقبه ويتابعه بين ساحات اللعب و”شارع العصّارات” مشدودًا بلونه واسمه. أتى إلى النادي العاصميّ الذي عرفه وهو ابن الخامس عشر من عمره وقد كان المولع بالأفراس والأحصنة. جمع الخيل كُلّها فيما بعد وانطلق بها نحو النصر.
في بيته في الناصرية اختار المسبح مفتوحًا على مجلسه.. كان كُلّما شعر بالضيق نزل إلى الماء. وعلاقته بالسباحة انعكست على تكوينه إذ كان كثيرًا ما يخوض معارك فكرية ويقطع المسافات دون غرق. أعطاه الماء القدرة على المواجهة ولم يكن عنيفًا ولا ضعيفًا فهو لا يضرب بيده، ولكنّه يهزم خصومه بعقله ومواقفه الواضحة.
اليوم، نستذكر الأمير عبد الرحمن بن سعود ونعيد قراءة سيرته ونستعيد أكثر من أربعين عامًا قضاها في النصر ونؤدي السلام على قبره في “العود” ونضع على اسمه الكبير القُبل والرياحين والورود. نقف على ذكراه وقد أعطانا معاني للنبل نحيا بها ونقوى.. ونقرأ الحكايات المنسوجة في آخر قصر في الناصرية.