|


محمد المسحل
متطلبات التغيير الناجح..
2022-08-14
مهما سُنّت القوانين ونُشرت التعليمات ووُضعت الأنظمة في أي منظومة عمل، لعمل تغييرٍ ما، تأكد أنه لن يحدث أي تغيير، وسيكون كل العمل المبذول مجرّد ضياع وقت وجُهد ومال. حيث لا يمكن إحداث تغيير إلا بوجود أربعة أُسُس رئيسة لإحداثه على أرض الواقع.
الأساس الأول هو التأكّد من أن الكوادر التي ستقوم بتنفيذ هذا التغيير، مؤهلة من الناحيتين المهنية والاجتماعية لتنفيذ الخطط والأنظمة بناءً على القوانين المنصوص عليها، حيث لا يمكن لأي كادر ما أن يتمكن من تنفيذ عمل، لمجرد أنه امتلك مُسمى وظيفيًّا معينًا. حيث إن المسميات طالما خدعت صاحب المُسمى وكل من يتعامل معه، وأوهمتهم بأن هذا المسمّى كافٍ لتأهيل هذا الكادر لهذا العمل. ولذلك، فالتأهيل الأكاديمي، والتدريب المكثف للكادر، والتهيئة النفسية والاجتماعية، هي ركن من أركان النجاح لإحداث التغيير المنشود.
الأساس الثاني لإحداث التغيير، هو إيجاد ثقافة مجتمعية متكاملة، تَفهم وتتفهم وتتقبل هذا التغيير، وتجعله جزءًا لا يتجزّأ من أجندتها، حتى لو كانت الجهة المنفذة لهذا التغيير، هي جهة أخرى غير الجهة التي ينتمي لها هؤلاء الذين يفهمون ويتفهمون ويتقبلون. على الأقل ليتعاون جميع من له علاقة بمشروع التغيير مع الجهة المنفذة بدلاً من أن يصنعوا من أنفسهم حجر عثرة لتنفيذه. فمن الصعب (وأحيانًا من المستحيل) تنفيذ خطة تغيير في وسط مجتمع ذي ثقافة لا تتقبل هذا التغيير كليًّا أو جزئيًّا مهما كانت جودة الكوادر العاملة على تنفيذه.
الأساس الثالث لنجاح عملية التغيير، هو وضوح الأهداف المرجوة من ورائه، وإظهار أسماء المسؤولين عن هذه الأهداف بكل وضوح، مع ضرورة خروجهم للمجتمع المتابع لهم، بإيضاحات دورية باستخدام المؤتمرات والندوات، تُذكر الجميع بالأهداف وتوضح مستوى الإنجاز أو عدمه، وأسباب عدم تحقيقه (فيما لو كان هناك تقصير).
الأساس الرابع، وبكل تأكيد، هو سن القوانين الواضحة والقوية والمتوافقة مع جميع قوانين الهيئات الأخرى ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة مع المنظومة التي ترغب بتحقيق أهدافها بالتغيير، مع ضرورة إيجاد حماية رسمية وواضحة لهذه الأنظمة وأهدافها والمؤسسات العاملة عليها.
وأكاد أقول إن إيجاد القوانين التي من شأنها أن توفّر “الحماية” لاستمرارية مشاريع التغيير والتطوير، هي أساس خامس لنجاحها، ولكن طالما أننا في مرحلة مختلفة، نجد فيها حماية صارمة للأنظمة والمشاريع، فلا ضير من أن ندمج هذا البند الهام في الأساس الرابع أعلاه.
ولتتأكد، مما أقول، عُد لأي مشروع فاشل، وستجده يفتقد لأحد هذه الأُسس على الأقل، والعكس صحيح.