لاحظت في قراءة التراث متعة متفردة، وأظن السبب الأول في قدرة المحتوى التراثي على أخذ القارئ إلى عالم مختلف عمّا يعيشه في حياته المدنية، شيء أشبه برحلة غير معتادة، وبالنسبة لي أفضّل في التراث قراءة قصص الحكمة والطرائف، مبتعدًا عن تلك القصص، التي تروي البطولات المنتهية بالقتل، لأسباب السلب والنهب، لما فيها من اعتداء وظلم ومآسٍ، حتى لو كان مرتكبها أشعر الشعراء.
أما آخر ما قرأته، واخترته لكم، فكان في طرائف التراث، وأعتقد بأن عقلي يسيّرني إلى قراءة الطرائف، كلما زاد تفكيري في شؤون الحياة، وكأنه يريد أن آخذ فاصلًا، تمامًا كما يفعل مقدم البرامج في برنامجه عندما يقول للمتابعين: فاصل ونواصل. أهدى الخليفة العباسي المتوكِّل للبحتري فرسًا، فماتت الفرس في اليوم نفسه، فأنشدَ البحتري مخاطبًا المتوكل:
أهديتني أعجوبةً
بين الخلائقِ نادرةْ
فرسًّا كأن هبوبَها
مثلُ الرياح الطائرةْ
في ليلةٍ قطعَ المسافةَ
من هنا للآخرةْ.
لا أشك أن الكثير من قصص البخل أُلصقت بأشعب، وهذا لا يجزم بأنه لم يكن بخيلًا وطماعًا، ولكن تمت إضافة العديد من القصص على حسابه حتى ظهر لنا بما ظهر، مثلما حصل مع جحا، الذي تفرغ له مؤلفون أسقطوا أفكارهم ورسائلهم عليه، حتى أظهروه بما لم يكن عليه حقيقة. أعود لأشعب، الذي لامس قلبه الهوى، وكان يزور جارية ويتودد إليها، فسألته مرة أن يقرضها نصف درهم، فانقطع عنها، وكان إذا لقيها في الطريق سلك طريقًا آخر، فصنعت له نشوقًا وأقبلت به إليه، فقال لها: ما هذا؟ قالت: نشوق عملته لك لهذا الفزع الذي بك، فقال لها: اشربيه أنتِ للطمع الذي بك، فلو انقطع طمعك انقطع فزعي، وأنشأ يقول:
أخلِفِ ما شئت وعدي
وامنحيني كل صدِّ
قد سلا بعدك قلبي
فاعشقِ من شئت بعدي
إنني آليت ألّا أعشق
من يعشق نقدي.
رحمك الله يا أشعب، آمل ألّا أكون ممن ساهموا في ترسيخ صورة البخل والطمع عنك، لكن قصص البخل عنك كثيرة. الجيد يا أشعب أننا نحب أن نقرأ عنك، لأن قصصك ممتعة، أي أنك تصنع لنا المتعة، وهذا أفضل ممن يصنع لنا الحزن.
أما آخر ما قرأته، واخترته لكم، فكان في طرائف التراث، وأعتقد بأن عقلي يسيّرني إلى قراءة الطرائف، كلما زاد تفكيري في شؤون الحياة، وكأنه يريد أن آخذ فاصلًا، تمامًا كما يفعل مقدم البرامج في برنامجه عندما يقول للمتابعين: فاصل ونواصل. أهدى الخليفة العباسي المتوكِّل للبحتري فرسًا، فماتت الفرس في اليوم نفسه، فأنشدَ البحتري مخاطبًا المتوكل:
أهديتني أعجوبةً
بين الخلائقِ نادرةْ
فرسًّا كأن هبوبَها
مثلُ الرياح الطائرةْ
في ليلةٍ قطعَ المسافةَ
من هنا للآخرةْ.
لا أشك أن الكثير من قصص البخل أُلصقت بأشعب، وهذا لا يجزم بأنه لم يكن بخيلًا وطماعًا، ولكن تمت إضافة العديد من القصص على حسابه حتى ظهر لنا بما ظهر، مثلما حصل مع جحا، الذي تفرغ له مؤلفون أسقطوا أفكارهم ورسائلهم عليه، حتى أظهروه بما لم يكن عليه حقيقة. أعود لأشعب، الذي لامس قلبه الهوى، وكان يزور جارية ويتودد إليها، فسألته مرة أن يقرضها نصف درهم، فانقطع عنها، وكان إذا لقيها في الطريق سلك طريقًا آخر، فصنعت له نشوقًا وأقبلت به إليه، فقال لها: ما هذا؟ قالت: نشوق عملته لك لهذا الفزع الذي بك، فقال لها: اشربيه أنتِ للطمع الذي بك، فلو انقطع طمعك انقطع فزعي، وأنشأ يقول:
أخلِفِ ما شئت وعدي
وامنحيني كل صدِّ
قد سلا بعدك قلبي
فاعشقِ من شئت بعدي
إنني آليت ألّا أعشق
من يعشق نقدي.
رحمك الله يا أشعب، آمل ألّا أكون ممن ساهموا في ترسيخ صورة البخل والطمع عنك، لكن قصص البخل عنك كثيرة. الجيد يا أشعب أننا نحب أن نقرأ عنك، لأن قصصك ممتعة، أي أنك تصنع لنا المتعة، وهذا أفضل ممن يصنع لنا الحزن.