|


أحمد الحامد⁩
مرَّت بأثر
2022-09-19
بايدن أعلن انتهاء كورونا، وكان رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم قد قال قبل أيام إن كورونا لم تعد كما كانت. عندما قرأت تصريح أدهانوم شاهدته مبتسمًا لأول مرة، مع أنني شاهدت له مئات الصور حتى اعتقدت أنه ولد من دون القدرة على الابتسام.
الآن أتفهم عدم ابتسامته طوال الجائحة، فلم يكن من المقبول أن يقول بأن كورونا ستستمر لسنوات وهو يبتسم أو يضحك! لم أتصور أن العالم لن يحتفل بانتهاء الجائحة وما تسببت فيه من رعب، خاصة في بدايات ظهورها، تخيلت أن احتفالات ستقوم وتبريكات بالسلامة سيتبادلها الناس بينهم، وستنشغل وسائل الإعلام بتغطية تاريخية لزوال الجائحة، يبدو أن وسائل الإعلام العالمية تهتم بالأحداث التي تخيف العالم، ربما زيادة الخوف تزيد من متابعة المشاهدين لشاشاتهم، الأخبار المفرحة إن وجدت لها مكانًا في النشرات الإخبارية تكون في نهاية النشرات، تقدم كخبر طريف لا أكثر. لا أدري من أقنعهم بأن لا جمهور للفرح. عندما قرأت عن انتهاء الجائحة تذكرت نفسي عندما تساءلت في عز كورونا: متى يأتي اليوم الذي تنتهي فيه وتعود الحياة كما كانت، وفي أشهر كورونا الأولى وبعد أسابيع من البقاء في البيت رأيت كم كانت الحياة جميلة قبل الجائحة، الحياة التي لم نكن نشعر بنعمها الكثيرة لاعتيادنا عليها وكأنها مسلّمات يومية، أصبحت فكرة الخروج من المنزل والذهاب إلى البقالة أو المقهى حلمًا وطموحًا، أتذكر أني عاهدت نفسي إذا ما انتهت الجائحة أن أقدّر وأدرك كل النعم، وأن أنتبه لكل الرفاهية التي أعيشها ويعيشها سكان الأرض، من كهرباء ومياه ساخنة وطرقات معبدة ومستشفيات وطيران ومدارس وأمن وطمأنينة، عاهدت نفسي أن أسعى لتحقيق كل هدف أجّلته بسبب التردد، وأن أواصل كل الذين شغلتني عنهم المشاغل، وأن أكون أكثر شجاعة في تنفيذ أفكاري طالما أنها لا تضر أحدًا، وألَّا أضيع الوقت في ما لا ينفع، وأن أنظر إلى زرقة البحر في كل مرة أكون قريبًا منه، وأمعن النظر في الأشجار والأزهار، وأن أحمد الله عند ذهابي وعودتي مِنْ وإلى المنزل. الآن تنتهي كورونا وعادت الحياة إلى سابق عهدها، وعدت إليها ولكن دون معظم تعهداتي! لا أشك أن كورونا كانت درسًا لبعضنا، وهناك من استفاد واعتبر منها، والعاقل من يعرف قيمة ما عنده دون أن يتعرض لخطر فقدانه، أتمنى أن تزول أثار الجائحة سريعًا، لأنها وإن انتهت فإن آثارها ما زالت باقية، والعالم اليوم يواجه هذه الآثار من تضخم وغلاء عالمي. الآن فهمت ما كان يقوله بعض المحللين الاقتصاديين عندما رددوا وكأنهم على اتفاق مسبق: العالم بعد كورونا لن يكون مثل العالم قبل كورونا، رحم الله من توفوا إثر الجائحة، وحفظ الله الجميع.