|


صالح الخليف
أعيدوا تدريس الصحافة
2022-09-30
يثار كلام لا ينتهي عن جدوى دراسة الصحافة في المعاهد والجامعات والأكاديميات بطرقها التقليدية المعتادة، ومدى تحقيقها لأهدافها كافة، بصناعة أجيال تجعل من هذه المهنة وسيلة حيوية للابتكار والإبداع.
وبالطبع تتفاوت نسب الاستفادة من طالب إلى طالب آخر، فهناك من وضعته الدراسة والمحاضرات في بداية طريق الوصول إلى الغاية المنشودة، وهناك من خرج، أو تخرج، من الجامعة دون حتى ملامسة الحدود الدنيا من الفائدة.
يبدو الجزم بعدم الاستفادة الكبيرة من مشاوير دراسة الصحافة كلامًا متطرفًا لا يستند إلى أي وقائع منطقية، ولهذا ما يستوجب تناوله في قضية كهذه هو السبل الممكنة في تطوير الدراسة الأكاديمية، تبدأ أولًا في أن تتوافق المناهج العلمية مع المستجدات، التي فرضتها تسارع الحياة وتغييراتها، خاصة بعد أن دخلت أنماط صحافية مختلفة تمامًا، وعلى رأسها وأشهرها “صحافة الموبايل”..
فرضية أخرى، لا يمكن إغفالها أبدًا، تتمثل في ضرورة أن يتوازى المنهج النظري مع العملي والتطبيقي، فالصحافة بالذات لا يمكن إجادتها أو الدخول إلى ساحتها بكلام الكتب والنظريات المعلبة، وهذا يثبته أن عشرات الصحافيين المتمكنين، وحول العالم كله، لم يسمعوا محاضرة علمية واحدة عن الصحافة، ومع هذا فقد سجلوا أسماءهم بقوة وثقة واقتدار..
إننا فعلًا بحاجة واضحة لتتعايش الجهات الأكاديمية مع ما يدور حولها، وتتيقن أن الطالب، الذي يخرج من أسوارها متسلحًا بشهادة عالية، سيصطدم بزملاء قد يكونوا جاؤوا من خارج الدائرة المتعلمة، لكنهم أبدعوا واستوعبوا كيف تمشي الصحافة..
بالتأكيد إن اقتران الموهبة بالمعرفة والتعلم هو غاية المتطلبات، لكن في الصحافة بالذات تتقدم القدرة على الصياغة والكتابة ومعرفة ما يمكن أو يفترض أو يتوجب نشره على قضاء سنوات طويلة وراء مقاعد الدراسة…
وهذه ليست عائقًا، ولا مشكلة، ولا عثرة متضخمة، وإنما الأمر سهل، ويتمثل، كما قلت، بزيادة نسبة التطبيق، دون تجاهل أهمية التنظير..
الصحافة مهنة المكان، ومهنة الشارع، ومهنة الميدان، وهذا كله يستحيل تعلمه ومعرفته على كرسي وطاولة وسبورة..