|


محمد المسحل
الاستثمار بالشغف..
2022-10-14
في ثمانينيات وتسعينيات القرن الميلادي الماضي، كانت مسابقات الألعاب المختلفة في المملكة تشهد ازدهارًا كبيرًا، لا سيما في كرة اليد والطائرة والسلة، وبعض الألعاب الأخرى على الرغم من عدم وجود وسائل إعلامية، ووسائل تواصل اجتماعي، بل وحتى إنترنت، وهي، كما يعلم الجميع، وسائل كافية لازدهار أي نشاط، سواءًا كان رياضيًّا، أو غير ذلك.
كنا نعرف أسماءً كبيرةً في لعبة كرة السلة وكرة اليد، وفي الكرة الطائرة أيضًا، وكنَّا ننتظر النقل التلفزيوني المباشر للمباريات الحاسمة بين الأندية المتميزة في هذه الألعاب، مثل نادي أحد والهلال والاتحاد والأهلي والوحدة والنصر في السلة، والأهلي والهلال والاتفاق في الكرة الطائرة، والخليج ومضر والهلال والأهلي والاتفاق والعربي في كرة اليد، وكانت الصالة الرياضية الخضراء في جدة والرياض والدمام تغصُّ بالحضور الجماهيري الكبير والمميز، كذلك الحال في الألعاب الفردية، مثل الألعاب القتالية، وتنس الطاولة، والمبارزة، فكلها كانت تشهد وجود أبطال على المستوى العالمي، وليس فقط على المستويين القاري والعربي، على الرغم من ضعف التغطية الإعلامية لها.
أخذ هذا الزخم بالضمور من نهاية التسعينيات الميلادية حتى 2010 تقريبًا، حيث بدأت تنشط اتحادات تلك الألعاب وغيرها من جديد، لكن بشكل خجول، إذ لم تصل بعد إلى نصف ذلك الزخم الذي عرفناه في الثمانينيات والتسعينيات! وسبب ذلك في رأيي غيابُ ذلك الشخص، أو تلك المجموعة الشغوفة بلعبة معينة، التي تتبنَّى هذه اللعبة وجدانيًّا قبل أن تتبنَّاها ماديًّا. تلك المجموعة التي ترى متعتها الرئيسة في ممارسة تلك اللعبة، وتشجيع ممارستها، والشغف الطاغي على متابعتها على الصعيد العالمي والقاري والمحلي، والرغبة الجارفة في الإشراف على مسابقاتها، ودعمها بالوقت والجهد والمال. هذه المجموعة الشغوفة لممارسة تلك اللعبة، هي النواة التي يُبنى عليها نجاح وازدهار الرياضة بشكل عام، ولكل لعبة مجموعة من الشغوفين المحبين في مدينة معينة، أو مجموعة في كل منطقة، وهي تلك التي تشكِّل المجتمع الخاص بهذه اللعبة، وتستحق أن تُدعم بشكل مباشر ومستمر من قِبل الاتحادات المعنية وباقي المؤسسات الرياضية، وأقرب مثال على ذلك رياضة سباق السيارات، التي شهدت قفزات متدرِّجة منذ عام 2010، ثم قفزات أكبر منذ 2015 و2016، لتصبح الآن رياضةً ذات زخم كبير ومتابعة محلية عالية بسبب وجود تلك المجموعة العاشقة لها، التي أُعطيت كل الدعم، لتصل إلى ما وصلت إليه الآن.
ابحثوا عن الشغوفين في كل لعبة، واستثمروا فيهم، إن كنتم تريدون الوصول بشكل أسرع.