|


أحمد الحامد⁩
أنا والشريحة والطائرة
2022-10-25
خيرًا لي وللمحيطين بي أن أخفف من ردات فعلي إذا ما سمعت شيئًا لا يصدقه عقلي، وألا أقول لأحد إذا ما قال رأيًا لا يعجبني أن رأيه خاطئ أو لا يصدقه العقل، مهما كان رأيه فنتازيًا أو معلوماته غريبة، فالخبر الذي قرأته بالأمس أعطاني درسًا جديدًا عنوانه: ما لا تصدق وجوده لا يعني أنه غير موجود أو لن يكون موجود. عنوان طويل.
قد يصلح أن يكون جملة في كتاب. كتاب ناجح طبعًا كون جملتي ستكون فيه! قبل ما يقرب من 15 عامًا قال أحد أقاربي في جلسة عائلية أن هناك من يتآمر على البشر، وسوف يصل اليوم الذي يضعون لنا شريحة في أيدينا أو رؤوسنا فيها أسماؤنا وعناويننا وحسابنا البنكي وهويتنا وجواز سفرنا وكل المعلومات التي تخصنا، سوف يتحكمون بنا من أجل مصالحهم التجارية، سيفهمون رغباتنا فيعرضون منتجاتهم علينا، سيعرفون أين ذهبنا وكم ساعة نمنا، وإن كنا نمارس الرياضة أولا لا نمارسها، ما الطعام الذي نفضله، وما الأفلام التي نحب مشاهدتها، سنكون الآلة التي تعمل ساعات طويلة يوميًا لكي نحصل على المال الذي سيأخذونه منا بعد أن عرفوا وفهموا كل شيء عنا! قلت له بهدوء الواثق بأن هذا الأمر لن يحدث، ومن الأفضل له كونه رب أسرة أن يترك الشريحة التي في اليد أو الرأس وكل خزعبلات التآمر ونظرياتها، وأن يهتم بشؤون أسرته، فالأبناء دائمًا بحاجة لأب عاقل يعطيهم من وقته ويتابع تعليمهم وتربيتهم، شعرت بالحزن عليه لأنه فكر كما يفكر مخرجو أفلام الخيال العلمي ومسلسلات الكرتون. الآن.. وبعد قراءتي للخبر الذي سأنقله لكم، لا أشعر بالحزن عليه، بل على نفسي، لأني حينها كنت أظن بأني العاقل، وهو مجرد مسكين يهذي، من المؤسف أن تكتشف حقيقة أنك كنت جاهلًا، الأسف ليس على عدم المعرفة فقط، بل على حالة الاعتقاد المطلق والتفاخر بالمعرفة! أما الخبر الذي قرأته فهو عن الشريحة، نعم.. شريحة صاحبنا الذي تنبأ بها قبل 15 عامًا، يقول الخبر (زرع رجل بريطاني شريحة بطاقة دفع إلكتروني في معصمه، وظهر وهو يشتري بعض المنتجات بينما يقوم بالدفع من خلال وضع يده على جهاز الدفع الإلكتروني، وقال صاحب الشريحة إن عملية زرعها لم تستغرق أكثر من 15 دقيقة، ومدة صلاحيتها 7 سنوات). هذا الخبر أعتبره مقدمة للشريحة الأكبر التي ستحوي على كامل معلوماتنا، وقد يبدو خبر الرجل الإنجليزي الآن غريبًا لكنه سيكون بلا فائدة إذا ما قرأناه بعد 20 عامًا، فبعض الغرائب هي مقدمات لما سيكون معتادًا. قبل يومين قرأت أن السيارة الطائرة أصبحت واقعية، وشاهدت مع آخر طراز عملي منها، وستطرح في بعض الأسواق كسيارة أجرة طائرة، أتذكر في العام 1992 عندما قال أحدهم إن السيارة الطائرة ستكون موجودة بعد العام 2000 بسنوات معدودة، حينها انتظرنا لحظة خروجه من شقتنا لكي نتندر على كلامه، حتى أننا تخيلناه يطير في المدينة ويحوم دائمًا فوق مطعم الشاورما الذي كان يفضّله، وأطلقنا عليه لقب الطيار مدة من الزمن، حتى أن أحد الأصدقاء قال: إياكم أن يعرف بأننا نسميه الطيار.. أخشى أن يغضب فيقصفنا بطائرته!