|


عمار بوقس
السحرة الساجدين
2022-12-11
كم هو مدهش ما تفعله تلك الساحرة المستديرة بمليارات البشر، فهي السبب في دموع الفرح وكذلك دموع الحسرة والمرارة، ناهيك عن الجلطات وحالات الوفاة، لكن أجمل ما فيها أنها نجحت في توحيد شعوب العالم بعد أن فرقتهم ساحات الحروب وطاولات السياسة، ولم تنجح أي وسيلة أخرى في فعل ذلك، فعجبًا لتلك الكرة المجنونة التي سلبت العقول والقلوب.
لم أتخيل أنني سأشهد في حياتي يومًا أرى فيه منتخبًا عربيًا بين الأربعة الكبار في مونديال العالم، لأننا تعودنا دائمًا أن نشارك بهدف الظهور المشرف، وإن زادت طموحاتنا فهي لا تتعدى تجاوز دور المجموعات من المونديال، لكننا هذه المرة نعيش فخرًا وشرفًا ومجدًا لا مثيل له على أيدي جنود الصحراء الفرسان المحاربين الذين أثبتوا للعالم أجمع وأثبتوا لنا نحن العرب بشكل خاص أن الفوارق الفنية تذوب وسط الروح العالية والانضباط التكتيكي المميز وقبل ذلك كله الإيمان بإمكانياتنا وقدراتنا متناسين جميع اللغات إلا لغة الإرادة.
ولأننا نبحث دائمًا عن تبريرات لأخطائنا وسقطاتنا فاتجه بعضنا إلى التقليل من هذا الإنجاز العظيم فوصفوهم بأبناء المغتربين المهاجرين الذين ولدوا في أوروبا وتأسسوا في أنديتها وتدرجوا فيها، وأتساءل هنا أين مصر بل أين الجزائر الذين لم يصلوا أصلًا إلى هذا المونديال رغم أنهم يزاحمون سكان أوروبا؟ ودعوني أتساءل أيضًا أين الكاميرون والسنغال وغانا ولماذا لم يحققوا في تاريخهم مثل هذا الإنجاز وهم يتفوقون في عددهم على بعض سكان الدول التي يقيمون فيها؟
لم تكن نتائج المغرب وليدة الحظ في هذا المونديال، فنحن نتحدث عن تصدرها لمجموعة فيها بلجيكا وكرواتيا، ونحن نتحدث عن منتخب أخرج إسبانيا وألحق بها البرتغال، ونحن نتحدث عن استراتيجية ورؤية رياضية في الجهات المعنية بالرياضة هناك وضعت ثقتها في مدرب وطني لم يتأسس خارج البلاد ولم يدرب في أوروبا لكنه تدرج في الفئات السنية في بلاده ووجد الفرصة في أحد أنديتها ليثبت أنه الأحق والأجدر لقيادة بلاده في هذا المعترك العالمي وها هو يضع بصمته ويصعّب المهمة على المنتخبات العربية قبله وبعده.
رغم أنني أشعر أن نهائي 2022 سيكون نسخة مكررة لنهائي المونديال السابق لكنني سأظل متفائلًا وأؤمن بحظوظ المنتخب المغربي أمام المنتخب الفرنسي الذي يملك جيلًا استثنائيًا قادرًا على تحقيق لقب هذا المونديال والذي بعده، ومع ذلك سأنتظر حدوث المعجزة كما حدثت مرتين، وسأترقب بفارغ الصبر لقطة الختام التي أحببناها جميعًا لقطة السحرة الساجدين.