|


محمد المسحل
دروس مستفادة..
2022-12-23
أسدل الستار على بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، التي نظَّمتها قطر الشقيقة، بنجاح منقطع النظير.
وسجَّلت هذه البطولة كثيرًا من الأرقام القياسية، التي يصعب على أغلب الدول التي ستنظم المونديال في المستقبل الوصول إليها، لا سيما فيما يخصُّ الحضور الجماهيري العالي، وشبه انعدام الحوادث الجنائية، التي عادةً ما تقع في مثل هذه المناسبات الضخمة، فمبارك للأشقاء في قطر على هذا النجاح الكبير.
ومثلما توقَّع، بل وتمناه أغلبنا، رفع ليونيل ميسي كأس العالم، كأسٌ لطالما تمنَّى الأسطورة إنهاء مسيرته الكروية بحملها، لكنني أتوقَّع أن يتم الضغط عليه للاستمرار في اللعب حتى موعد كأس العالم المقبلة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا المكسيك لأسباب تسويقية بحتة، حتى لو كان تقديمه مستوى مميزًا فيها صعبًا عليه، إذ سيكون بعمر 39 عامًا حينها. وإذا كنت سأُسدي نصيحةً لميسي، فسأنصحه بألَّا يخضع لأي ضغوط تسويقية، أو سياسية، وألَّا يسقط في الفخ نفسه الذي سقط فيه مارادونا على سبيل المثال، وأن يكتفي بختام مسيرته الدولية بالتشرُّف بارتداء البشت العربي العريق في مناسبة سيخلِّدها التاريخ.
بعد خوض هذه التجربة الفريدة، والخروج بهذه النسخة الاستثنائية لكأس العالم، وإعطاء العالم بأسره دروسًا في أخلاقيات التعايش والانضباط والاحترام والتنظيم، وهو ما يمكن للعرب تقديمه في هذه المناسبات العالمية، خرجنا نحن أيضًا بدروس كثيرة مُستفادة منها، فقد تعلَّمنا يقينًا بأن المستوى الفني والمهارات والمواهب لا تكفي أبدًا للتقدم في هذه المسابقة، بلا يجب، لفعل ذلك، تهيئة اللاعب بدنيًّا منذ صغره، فالفرق غير الجاهزة وغير المُعدَّة بدنيًّا من الصغر قد يسعفها فارق الوقت بين مباريات المرحلة التأهيلية لكأس العالم، التي تستغرق بين أسبوع وتسعة أيام، بين مباراة وأخرى، لكن لن يساعدها فارق التوقيت بين مباريات نهائيات كأس العالم، التي تفصلها أربعة أيام فقط.
تعلَّمنا أيضًا أن تكاتف الأشقاء دائمًا هو الحل في وجه جميع التحديات التي تترصد بنا، وأن الشقيق لا يمكنه أن يستغني عن شقيقه في كل الأحوال. تعلَّمنا الصمود على موقف الحق ضد الباطل مهما كانت الضغوط التي يمارسها أهل الباطل كبيرة، فالنصر دائمًا للحق وأهله. تعلَّمنا أن الحرية التي تدعو لها بعض الأمم، هي حرية زائفة، لم تُستَمد من التعليمات الإلهية، بل من التعليمات الشيطانية التي تضع المادة أساسًا لكل قرار حتى لو تسبَّب ذلك في هبوط الإنسان لدرجة أقل من الحيوان.
ولا أنسى أن أفتخر بنجوم المنتخب السعودي الذين قدموا مباراةً تاريخيةً أمام المنتخب الأرجنتيني، بطل العالم، وبالجمهور السعودي الأكثر من رائع.