|


أحمد الحامد⁩
أندنة!
2023-01-24
لم أعمل في الإعلام الرياضي، اخترت أن أكون بعيدًا رغم محبتي لكرة القدم، ومنذ قراءاتي الرياضية الأولى تشكل عندي انطباع أن (الأندنة) تتغلب على معظم الأقلام الصحفية سواء المحررين أو الكتّاب، وأزعم أن أكثر القراء لديهم نفس الانطباع، وأقصد بالأندنة أن الصحفي أو الكاتب يميل إلى ناديه الذي يشجعه عندما يحرر الخبر أو عندما يكتب المقال، وهنا تخسر الصحافة، ومن خسارتها عدالة التحرير ومهنيته، إلا إذا كانت الصحيفة أو الموقع الرياضي يصدران من النادي نفسه، حينها تعبّر الكتابة عن رأي النادي، لكن الحاصل أن معظم الأقلام تكتب وتحرر في الصحف والمنصات التي يفترض أنها تقف في المنتصف.
لقد حرمنا الميول للأندية طوال عشرات السنين من مواهب كبيرة كان من الممكن أن تكون في صالح الرياضة أكثر من صالح ناديها، لكنها اختارت أن تعبر عن مشاعرها أكثر من وصف واقع المباراة أو الحالة الرياضية، ومن مستوى مهني وصلت إليه أقسام الصحافة الأخرى مثل الاقتصاد والثقافة والأدب. وحتى مع تنوع الوسائل الإعلامية ومع فرصة ظهور أقلام عادلة إلا أن الحال بصورة عامة لم يتغيّر. يعرف القراء ميول كل الكتّاب والصحفيين، حتى القنوات التلفزيونية عندما تستضيف الصحفيين الرياضيين فإنها تحاول أن توازن في اختياراتها، فإذا كانت المباراة مثلًا بين الاتحاد والأهلي فإنها تستضيف صحفيًا أهلاويًا وآخر اتحاديًا، والمشاهدون يعرفون ذلك حق المعرفة، بل إن بعض المشاهدين صاروا يتهمون بعض البرامج الرياضية بعدم العدالة إذا اكتفى البرنامج بصحافي واحد معروفة ميوله دون وجود صحفي ثان يشجع الفريق الآخر. هل أصبح أكثر صحفيينا الرياضيين مشجعين أكثر من كونهم صحفيين؟
صحافتنا الرياضية متشنجة، مفردات الكثير من الصحفيين والكتّاب قاسية، ومن الصعب في رياضتنا أن تقول رأيًا دون أن تُهاجم وبعيدًا عن الموضوع الذي قلت رأيك فيه، وأرى أن الصحفيين الرياضيين هم من أسسوا هذه الحالة منذ سنوات طويلة، من تلك العناوين التي تلبس الميول لبسًا كاملًا، أو تلك المقالات التي يكتبها الكاتب في صحيفة عامة بحبر يفيض انتماءً ومحبة لناديه. حالتنا الرياضية اليوم متطورة، ونحن بحاجة لإعلام رياضي يشعر القراء بعدالته لا إلى ميوله. لم أقصد في ما كتبت كل الكتاب والصحفيين ولا كل الصفحات الرياضية، لكن صوت الصحفيين المهنيين والكتّاب العادلين غير مسموع بوضوح أمام الصخب المعتاد.