«نهر خوز» وِراثة وأسرار.. والأصل مصنع بصراوي شعبي
حلوى الـ 100 عام تجوب العالم
تحت سقف مصنع متواضع من طابقٍ واحدٍ في البصرة، يُجهّز عددٌ محدودٌ من العمّال حلوى تقليدية عمرُها أكثر من 100 عام، تستهوي، رغم بساطتها، زوّارًا كثُر للمدينة العراقية وتتجاوز نطاق المحليّة.
تشتهر البصرة، الواقعة على نهر شط العرب، بكثافة نخيلها وحفاوة أهلها، لكن أيضًا بحلوى نهر خوز، التي بحثت “الرياضية” وراء سرّ رواجِها ومصدرِها الأول.
وقادها ذلك، بإرشادٍ من السكان، إلى مصنع يشبه مبناه البيت الشعبي في قضاء أبو الخصيب، وهي منطقة ريفية متواضعة تملؤها الأشجار والبيوت القديمة.
وبينما كان يَزِن الإنتاجَ بنفسه قبل مرحلة التعليب، قال ماجد إبراهيم “هنا أصل حلاوة نهر خوز، نحن أول من قدّمها في العراق، وأنا الجيل الثالث بعد الجِد ثم الأب والعم، نستخدم فيها مكونين رئيسيين، الدبس الطبيعي وطحينة السمسم”.
وتابع بنبرة ثقة “جدّي عاش قبل أكثر من قرنٍ من الزمان في البحرين وإيران، عرِف هذه الوصفة هناك، ولما عاد بدأ إعدادها محليًّا وأتقنها، لذلك نجحت واشتهر بها، وورِثَ الصنعة من بعده والدي الحاج إبراهيم عبد الرحمن وأخوه صالح، وبعد وفاتهما صِرت أنا المسؤول الأول عن مصنع العائلة، وأكملت المسيرة”.
ولتمييز إنتاجه عن معامل أخرى في البصرة تقدّم الصنف ذاته، يضع المصنع كلمة “الأصلي” وصورتَي الأخوين إبراهيم وصالح على عُلَبِه.
ويحظى ماجد بمساعدة عددٍ محدودٍ من العمال لا يزيد عن ثمانية، يتوزّعون بين مرحلتي التحضير في الداخل والبيع للزبائن في واجهة المكان.
وبعد إلحاحٍ، قَبِل ابن الحاج إبراهيم على مضضٍ دخول كاميرا “الرياضية” إلى قلب المصنع. وسبب التحفّظ، كما أوضح، رغبتُه في حفظ أسرار المهنة وكميات المقادير وخبايا طهي المكوّنات الذي يجري على نار هادئة.
وعلى عكس الجيلين الأول والثاني، يستخدم الثالث بعض الماكينات، بالذات في العَجن، لكن دون التخلي عن أسلوب العمل الموروث المعتمِد على أدوات بدائية.
ويستغرق إعداد حلاوة نهر خوز ساعتين ونصف الساعة تقريبًا. بعدها، تخرُج لينّةً وتُعبّأ ثم تُباع بسعر 40 ألف دينار عراقي “103 ريالات سعودية” لعلبة بلاستيكية صغيرة لا تسَع أكثر من 250 جرامًا.
ويفتخر ماجد بذيوع صيت منتجِه خارجيًّا. ويوضّح “طلبات شرائها واستيرداها منّا لا تتوقف.. والسر طعمها اللذيذ رغم بساطتها.. نرسلها إلى الكويت وباقي بلدان الخليج العربي وأوروبا ومناطق أخرى من العالم، كما يأتي إلينا أجانب سمِعوا بها ويبحثون عنها”. وكانت مدينة البصرة احتضنت، الشهر الماضي، كأس الخليج العربي لكرة القدم، التي غطّتها ميدانيًّا وسائل إعلام خليجية وعربية بينها “الرياضية”.