|


أحمد الحامد⁩
ذكاء وعداء!
2023-05-03
يتزايد الحديث عن الذكاء الاصطناعي بصورة ملحوظة، إما على شكل ابتكارات جديدة أو تحذيرات شديدة، والواضح لحد الآن أنه سيحل بديلاً عن الكثير من الوظائف، وإنه لن يتيح وظائف جديدة بقدر الوظائف التي سيلغيها، وأن العالم على موعد مع عنوان يمرحل التاريخ: قبل انتشار الذكاء الاصطناعي وبعد انتشار الذكاء الاصطناعي! تمامًا مثل قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها، وقبل اكتشاف الإنترنت وبعده!.
الذكاء الاصطناعي في طريقه إلى صناعة مشكلة اجتماعية عندما لا يبقى في خدمة الموظف بل عندما يحل بديلاً عنه، دون أي حساب لمصير الموظف الذي قد لا يجد وظيفة أخرى مناسبة، أو قد لا يجد، وهذا ما يؤثر على حياته وحياة عائلته، وأظهر مقطع فيديو حديث لممرضة صينية قامت بتحطيم روبوتًا بعد أن حلّ مكانها في العمل، كانت التعليقات على الفيديو تصف المرأة بالمتهورة، وهو وصف لا يبعد عن الحقيقة لأن تصرفها خاطئ لكن لا أحد كان يعرف مشاعرها وظروفها، واكتفوا بتوجيه اللوم لها دون أن يوجهوا اللوم للذين أفقدوها عملها، مفضلين الروبوت عليها كونه يخفض التكلفة لتزيد الأرباح!. آخر دراسة أجرتها جامعة وسكنسن الأمريكية تقول إن هناك عداءً جديدًا ظهر بين الإنسان والآلة، وأن تطوير روبوتات تكون في مراتب أعلى من البشر سيؤدي إلى تفاقم العداء بينهما، وأوصوا بأن تُفهم المشاعر التي يولدها وجود الروبوت في حياتنا. مع تصرف المرأة الصينية كان هناك تصرفًا آخر في قارة أخرى يكرر تصرف المستشفى الذي طرد الممرضة، هذه المرة من كبرى شركات التقنية، فقد كشف الرئيس التنفيذي لشركة (آي بي أم) العملاقة أنه يتطلع لتقليص آلاف الوظائف الفائضة عن الحاجة بسبب تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، وقال إن شركته ستصدر قرارًا بوقف مؤقت للتوظيف في بعض المهن، ويتوقع أن شركته ستستغني عن 7800 وظيفة خلال سنوات، دون أن يتحدث عن مصيرهم بعد سنوات من خدمتهم الشركة، وربما يقول أحد بأنه ليس بحاجة للحديث عن مصيرهم لأنه معروف، فالذي يطرد من عمله يواجه ظروفًا صعبة، يدركها الذين مروا بالتجربة. قد يوضح تصريح الرئيس التنفيذي شيئًا مما سيتسبب به الذكاء الاصطناعي بفقدان الملايين في العالم لوظائفهم، خصوصًا وأن الشركات العملاقة هي شركات تجارية، غايتها الأولى تحقيق الأرباح، ومن يكون هدفه الأول تحقيق الأرباح يصعب عليه التفكير بمصير الموظفين. لا أحد يستطيع رؤية المستقبل بصورة مؤكدة، وقد يُظهر المستقبل نتائج مختلفة عن المتوقع، فكل ما هو موجود تعليقات واستنتاجات وشواهد أولية، لكن الثابت أن لا أحد يستطيع خدمة الإنسان مثل الإنسان، ولم تثبت الآلة يومًا استغنائها عن اليد التي صنعتها.