أحمد الحامد⁩
مرحلة الفِكس!
2023-05-11
بدأت أسمع صوتًا يصدر من ركبتي اليمنى عندما أصعد أو أنزل من السلّم، مع وجود آلام متوسطة تظهر ثانية واحدة وتختفي، تكرر الأمر معي أكثر من مرة، ولأنني رجل (وسواسي) في الأمور الطبية رفضت مراجعة الطبيب، وفضلت الاتصال بصديق مقرّب.
اخترت هذا الصديق تحديدًا لأنه دائمًا يهوّن الأمور مهما كانت، وبعد أن شرحت له الحالة أجابني بما بقي في ذهني منذ أيام إلى الآن: لقد وصلت للعمر والحالة التي تتطلب استخدام الفكس! والفكس للذي لا يعرفه من الجيل الجديد هو نوع من الزيوت العطرية لتخفيف الألم ومعالجة الالتهابات، ومعروف أنه العلاج المفضّل (للشيّاب) والعجائز، كان وقع كلام صاحبي هذه المرة مختلفًا على غير العادة، وعندما سألته إن كان جادًا فيما يقول كرر إجابته وأضاف: لا أحد لا يتقدم في العمر.. وأنت وصلت لمرحلة الفكس!. شكرته وأنهيت المكالمة مباشرة، وتذكرت مقولة أحدهم عن صديقي المقرب هذا عندما وصفه بـ (الدفاشة) والدفاشة تعني التصرفات والأقوال البعيدة عن الأتكيت والذوق الرفيع، هززت رأسي موافقًا لأول مرة على دقة الوصف، واخترت الاتصال بصديق آخر عرف عنه الشجاعة وعدم المبالاة بالأخطار الصحية، عندما شرحت له الحالة صمت لحظة، ثم قال: ما المقصود بقولك إن ركبتك تصدر صوتًا؟ هل أنت الوحيد الذي تسمع الصوت أم يستطيع غيرك سماعه؟ أجبته بأنني لا أعلم إن كان غيري يستطيع سماعه، فقال: ما أعرفه بأن هذه الأصوات تصدر من الكراسي القديمة والأبواب التي تحتاج مفاصلها إلى زيوت، وأكمل قائلًا: الظاهر أن ركبتك صارت تحتاج إلى زيت.. حط فكس! منذ أيام وأنا أشعر بوخزة في ركبتي وأسمع صوتًا يصدر منها، لا أظن الصوت وهمًا، ربما يكون وهمًا، لا أدري، لكنني لن أشتري الفكس، ألم يقولوا بأن العمر مجرد رقم؟! لم آخذ بنصيحة الأصدقاء، ولن آخذ بها، لا توجد مرحلة اسمها مرحلة الفكس، وأخرى اسمها مرحلة الإسبرين، هذه ليست مراحل، وإن كانت فهي مراحل من مراحل الوهم، فأنا وإن كنت أسمع صوتًا يصدر من ركبتي لا أشعر بتقدمي في العمر، وما زلت قبل النوم أتخيل نفسي لاعب كرة يدخله المدرب ليغير النتيجة، فتلتف حوله الجماهير وتحتضنه حد الاختناق! ولكن.. ماذا عن النظارات التي صرت أستخدامها للنظر إلى المسافات البعيدة؟ أليست دليلًا على تراجع قوة النظر؟ ماذا عن طلبي من أبنائي مساعدتي في حمل ما كنت أحمله من دون مساعدة؟ أليس طلبي للمساعدة دليل على تراجع قوتي؟ ألا يعني كل هذا أن ما قاله أصدقائي صحيحًا عن وصولي لمرحلة الفكس؟ مهما يكن.. وإن كانت مقولة أن العمر مجرد رقم ليست صحيحة، إلا أنني لن أشتري الفكس، أشعر بأنه استسلام، ربما أكتفي بزيت الزيتون.