|


محمد المسحل
المرجلة..
2023-05-12
في الخمسينيات الميلادية، بدأت السينما العالمية بل والعربية، ربط كاريزما أبطال أفلامهم تلك مع موضوع تدخين السجائر، وطبعًا كان ذلك بضغوط وإغراءات مالية من شركات صناعة التبغ، وتم أيضًا إدخال العنصر النسائي في الموضوع، لترى بطلات الأفلام والمسلسلات يمسكن بسجائرهن في كثير من المشاهد. واستمر ذلك حتى يومنا هذا، حتى ارتبطت كاريزما البطل والبطلة في تدخين أنواع التبغ.
وتطور ذلك ليتم إدخال شرب الخمر في الموضوع، فيتم تصوير البطل الحقيقي بأنه الذي يشرب الخمر في مشاهد الفيلم وكأنه أمر عادي وطبيعي، بل وهو من الشروط التي تجعل هذا البطل (أو هذه البطلة) بطلًا! ثم دخل صنّاع هذه الأفلام مرحلة متقدمة، تصوّر بعض الشخصيات الرئيسية في هذه الأفلام وهم يتعاطون المخدرات بأنواعها، على أنه شيء طبيعي وحرية شخصية، لدرجة أن بعض الأفلام ربطوا تعاطي كل ما ذُكر أعلاه بكاريزما “الرجل” الحقيقي، وهي والله أمور لا علاقة لها في المرجلة لا من قريب أو بعيد.
الهجمة الشرسة غير المسبوقة المتمثلة بمحاولات إدخال كميات خيالية من سموم المخدرات على بلداننا العربية بشكل عام، وعلى وطننا “السعودية” بشكل خاص، تستحق منّا أن نراجع الرسالة الإعلامية المضادة، والتي من شأنها أن تصحح الصورة الذهنية لدى شريحة الشباب تجاه التدخين وتناول الكحوليات والمخدرات. حيث إن الكثير من شريحة الشباب يعتقدون أن تعاطي كل هذه السموم هو أحد أهم أوجه إثبات الرجولة واكتساب كاريزما بطولية في مجتمعه، زرعها في ذهنه إعلام مضاد وأشخاص موهومين بنفس هذا الوهم، يراهم مُثُل عُليا له.
غياب الآباء والأمهات عن أبنائهم وبناتهم هو أمر آخر يساعد على ضياعهم دون شك، ولكن واقع الحياة في هذا العصر، يحتّم على الوالدين في كثير من الأحيان أن يغيبوا عن أبنائهم وبناتهم لساعات وأحيانًا لأيام تقصر أو تطول، وبالتالي، يبقى على الإعلام مسؤولية كبيرة لرأب هذا الصدع. عن طريق الإعلام التقليدي والإعلام الرقمي بل وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، ومن خلال استغلال الشخصيات الرياضية والفنية وتسخير المنشآت الرياضية والتعليمية والترفيهية لهذا المشروع المصيري.
لا بد من مشروع ضخم ومتجانس ومستمر يعيد التعريف الحقيقي للمرجلة في نظر شبابنا وللأنوثة في نظر بناتنا. مشروع يقنعهم بأن وجود المتعاطين والمدمنين بين ظهرانينا هو أمر خطير، يهدده أمن الفرد والمجتمع، ويجب عدم التساهل معه مهما كانت القرابة والمعزة بينك وبين ذلك المروج أو المدمن أو المتعاطي. فلا تتفاجأ إن أصبحت أنت أول ضحايا جرائمهم.