|


أحمد الحامد⁩
فهد الحيّان.. نجم سيبقى لامعا
2023-05-16
غادرنا فهد الحيّان مبكرًا، مثلما يغادر بعض النجوم ولمعانهم في أوجه، فهد الكاتب والمخرج، والممثل الذي لعب أدواره كما لن يستطيع أحد أداءها، وأعني ما قلت تمامًا، فشخصية هزار أو مصطفى في طاش ما طاش لم يكن بطلهما الفكرة أو النص المكتوب، بل كان فهد هو البطل أداءً وشكلًا.
ولا أعرف ممثلًا خليجيًّا استطاع أن يؤدي لهجة غير خليجية كما أدى فهد اللهجة السورية في دور مصطفى في حلقات طاش ما طاش، لقد كان مقنعًا في أدواره للحد الذي تعتقد فيه أن الذي أمامك شخصية حقيقية، تخيلوا أن أحدًا غيره قدم تلك الأدوار وتخيلوا النتيجة، تخيلوا أن شخصية هزار يؤديها ممثل آخر وتخيلوا النتيجة.
فهد كان مجموعة مواهب في آن واحد، وبطولته في غشمشم وقيامه بإخراج المسلسل وكتابته أثبتت أنه فنان صانع، وحدوده لا تنحصر في التمثيل، وكان غشمشم منعطفًا جديدًا للدراما الخليجية لو أنه استمر. كان بالإمكان أكثر مما كان، لكن حركة التمثيل في كل الخليج ليست طبيعية، لأنها مرتبطة بظروف إنتاجية سيئة، ابتداءً من كون الأعمال تعرض في شهر واحد من السنة هو شهر رمضان، وأن القنوات التلفزيونية محدودة، ووصولًا إلى مسألة الحقوق المادية التي لا تجعل الممثل يتفرغ للمهنة تفرغًا كاملًا، فيبقى بين وظيفته وبين الفرص المتاحة للإطلالة على المشاهدين. لكن ما قدَّمه فهد كان كافيًا لإظهار قوة موهبته الفذة، ولأن يصبح نجمًا من نجوم الخليج، وواحدًا ممن عاش في وجدان المشاهدين، وسيبقى ما قدمه خالد في ذاكرتنا، لأن ما قدمه ارتبط بسنوات من أعمارنا، كان فيها الفنان الذي بمجرد مشاهدته على الشاشة تضمن الابتسامة. التقيته لأول مرة قبل 5 سنوات، وكانت الدقائق الأولى كافية لأن أشعر بأنني أعرفه منذ زمن طويل، وأنه أحد أصدقاء الحارة، ومع أني في بداية اللقاء كنت أتذكر مشاهد مصطفى في طاش إلا أنه استطاع سريعًا أن يطرد تلك الشخصية من عقلي، وأظهر منذ بدايات الحديث شخصية عميقة يملؤها الحس الفني، والآراء الذكية التي كان يقولها من عقليّة مشبعة بالفهم لعالم الكوميديا والدراما بشكل عام، وكان ينبه كثيرًا على مسؤولية الفنان المجتمعية، لكن اللقاء الشخصي ثم التلفزيوني صاحبهما تذمرًا من عدم استطاعته تقديم ما ينوي تقديمه من مشاريع فنية بسبب العوامل الإنتاجية. كانت أفكاره كثيرة في ساحة فنية أقل ما يقال عنها أنها ليست احترافية. لماذا لم أكتب عن فهد الحيّان رحمه الله قبل أن يرحل؟ لماذا لم أكتب ما كتبته وهو على قيد الحياة؟ لدي عدة أجوبة منها الغفلة ومنها النسيان، لكن جميعها لن يبرر تقصيري في حق مبدع أضحكنا حتى اغرورغت عيوننا بالدمع السعيد!