|


أحمد الحامد⁩
ثلاثة
2023-06-07
ـ كان من المهم أن نتعلم مادة الصبر في مدارسنا، أن نفهمها جيدًا قبل أن نتعلم الحساب وقواعد اللغة، ولا أعرف كيف سيكون منهاج الصبر فيما لو كان درسًا مدرسيًا، لكني أعرف بأنه الدرس الأهم، لأن الإنسان بلا صبر مثل الرسام بلا ريشة، ومثل الكاتب بلا قلم، ومثل المزارع بلا بذور.
يكاد الصبر أن يكون مفتاح النجاح مثلما هو مفتاح الفرج، وإذا كانت التربية بالصبر، والتعلم بالصبر، والتجارة بالصبر فكيف ننجح إن لم نجِده، وكيف نجيده إن لم نتعلمه؟ أعرف جيدًا أهم سر من أسرار النجاح.. إنه ليس في معرفة أن الصبر أهم أسراره، بل في المقدرة على إجادته إجادة تامة.
ـ يكفي وجود الحب لاستمرار أي علاقة مهما كان نوعها، فهو القادر على إلصاق الصفات الحلوة بالآخر، والقادر على تبرير أخطائه، والعدسة المكبرة لحسناته، فتراه جميلًا وإن كان شبه جميل، وتراه صادقًا ـ هذه المرة ـ وإن كذب عليك عشرات المرات السابقة، والحب يعطيك طاقة قد تستغرب من حجمها وامتدادها، وهو وإن كان طبعك الغضب وهوايتك الزعل إلا أنه يعيدك بعد كل مرة قررت فيها أنك لن تعود. وهو الذي سيسمي عودتك بالوفاء وليست خضوعًا، الحب هو من يفسر لك دون كلمات وتفهمه دون شروحات. والحب حظوظ، لأنك لا تختار عند الوقوع به، حتى وإن بدا لك أنك اخترت، ومن أجمله المحتفظ بأدبه مع جنونه، ومن أقساه ذاك الذي ينبع من نبع واحد، ويقول المتنبي حكمة لا مفر من حقيقتها عن ضرورة ارتباط الحب بالعقل:
فإنّ قليلَ الحبِ بالعقل صالحٌ
وإن كثيرَ الحبّ بالجهلِ فاسد

ـ الوفاء هو من لا يتحدد وجوده على العلاقة في الزمن الحالي، هو شعور بالمسؤولية تجاه وجود ـ العلاقة ـ في زمن ما، زمن سابق أو حالي، وهو لا يرتبط بوجود مشاعر الحب في الوقت الذي تمارس الوفاء، إنما هو موقف يُتخذ ومسافته أبعد من نيل رضا أو محبة الطرف الآخر. أشكاله متعددة، فقد يكون وفاءً لمعاني وقيم دون وجود رابط مع الآخر، وقد يكون وفاءً للصورة الإنسانية والمشرقة التي أردت العالم أن يكون عليها، وهذا وفاء قائم على ضبط السلوك العام، وتقديم أجمل ما فيك بصورة مستمرة. الوفاء علاج الضمير وراحته، وتقوية للنفس ومبادئها، وتجميل حقيقي للواقع، وعن الوفاء هذا البيت الرقيق لابن زيدون:

أبكي وفاءً وإن لم تبذلي صلةً
فالطيفُ يُقنِعُنا والذِكرُ يَكفينا