|


أحمد الحامد⁩
في ذاكرة الجوّال
2023-06-21
أحتفظ في جوالي والآيباد بما أقرأه فيعجبني، والواقع أن الانسان يعجب بما يوافق حالته المزاجية حينها، لكن أعمق وأقوى القراءات عندما يفرض المكتوب معناه على القارئ، فيحسن مزاجه أو يخترق أعماقه ويبدل تفكيره للأفضل، وهذا فضل من أفضال القراءة.
ولم أتعرف يومًا على قارئ جيد اشتكى من الوحدة أو طول الوقت، وما زلت أتذكر أحد الزملاء عندما دعوناه للدردشة معنا في المقهى، وبعد ثلاث ساعات من الأحاديث غير المتناسقة والنقاشات الضعيفة اللامنطقية نظر إلينا متحسرًا، وقال: “أنا لو جالس في البيت وقاري كم صفحة أحسن من سوالفكم مع وجوهكم!”.
الحكيم من اتعظ بغيره، يكاد يكون أعظم مثل نافع للإنسان، لكن أكثر الناس يمنعها غرورها الكامن في أعماق النفس. الأكثرية تظن أن تجربتها ستكون مختلفة وأفضل لأنهم أكثر ذكاءً وجرأة، هذه حكاية رمزية احتفظ بها في جوالي تقرّب شيئًا من حقائق الحياة (مجموعة من الأصدقاء بعمر الأربعين يتناقشون حول مكان ليلتقوا فيه على وجبة الغداء، أخيرًا اتفقوا أن يذهبوا إلى مطعم (المحيط) المطل على البحر لأن لديهم عاملات جميلات. بعد عشر سنوات تناقش الأصدقاء حول مكان ليلتقوا فيه، أخيرًا اتفقوا أن يذهبوا إلى مطعم (المحيط) المطل على البحر لأن لديه طعام فاخر. بعد عشر سنوات أخرى تناقش الأصدقاء حول مكان ليلتقوا فيه، واتفقوا أن يذهبوا إلى مطعم (المحيط) المطل على البحر لأنهم يستطيعون أن يأكلوا بهدوء ويستمتعوا بمنظر البحر الجميل. بعد عشر سنوات أخرى تناقش الأصدقاء حول مكان ليلتقوا فيه، فتم الاتفاق أن يذهبوا إلى مطعم (المحيط) المطل على البحر لأن لديهم كرسي متحرك ومصاعد تسهل حركتهم. بعد عشر سنوات تناقش الأصدقاء حول مكان ليلتقوا فيه، اتفقوا أن يذهبوا إلى مطعم (المحيط) المطل على البحر لأنهم لم يذهبوا إليه من قبل!).
من طرائف التراث: ادعى رجل النبوة في زمن المهدي العباسي، فاعتقله الجند وساقوه إلى المهدي فقال له: أنت نبي؟ قال: نعم. قال المهدي: إلى من بعثت؟ قال الرجل: أتركتموني أُبعث إلى أحد؟ بُعثت في الصباح واعتقلتموني في المساء!.
يحاول البعض أن يعرف نوعية الناس من حوله، هناك من لديه طريقة أو أكثر، وهناك من ليس لديه أي طريقة سوى التجارب، تعالوا نتعرف على طريقة محمود درويش (أصبحت أعرف نوعية الناس بحديثهم عن الناس لا بكلامهم عن أنفسهم).