|


جو.. بطل الابتدائية ينقذ الكوريين

الرياض ـ أسامة فاروق 2024.02.05 | 10:31 pm

قبل انطلاق مباراة كوريا الجنوبية والمكسيك في أولى جولات كأس العالم 1998، صفق الطفل "جو هيون وو" بابيّ خزانة ألعابه، وهرع إلى شاشة التلفاز لحاقًا بوالديه المتسمّرين منذ مدّة أمامها.
كانت كرة القدم في صدارة أولويات الطفل الكوري البالغ 7 أعوام، خلافًا لوالده لاعب الجمباز، لكن الحسّ الوطني جمعهما في تلك الليلة على أريكة واحدة أمام الشاشة الصغيرة.
في مثل تلك السن يبحث الأطفال عادةً عن أبطال خارقين، إشباعًا لنهم الشعور بالقوة والشجاعة، وكانت نظرات «جو» حائرة بين 10 لاعبين كوريين يرتدون الزيّ ذاته، لا يرى في أي منهم اختلافًا عن الآخر، ومع أوّل تصدٍ لحارس المرمى كيم بايونج جي، اختلجت مشاعره.
وعلى الرغم من تلقي كيم 3 أهداف خلال تلك المباراة، و5 بعدها من هولندا، وهدف واحد أمام بلجيكا في ختام دور المجموعات، سيطرت هيئة الحارس وهيبته على خيال الطفل الصغير.
يقول جو في أحد تصريحاته السابقة: «كنت متحمسًا للعب كرة القدم بعد مشاهدة كأس العالم، شعرت أنَّ بإمكاني أن أكون حلمًا لشخص آخر».
عندما أصبح الطفل صبيًا في الصف الخامس كانت شخصية كيم قد تمكّنت منه، لكنه اصطدم بوجود هام سانج هيون، الذي كان أفضل حارس مرمى على مستوى مدرسته الابتدائية «شينجونج». وذات يوم غاب الأخير، فأشار باقي الأطفال بالإجماع إلى جو إنقاذًا للموقف.
وفي استجابة سريعة، استدعى مدرب فريق المدرسة الطفل، وأخضعه إلى اختبار ميداني، مسددًا عليه بعض الكرات، ولقي استحسانه، واقتنع بالاعتماد عليه، وكانت تلك خطوة البداية في مسيرة الحارس.
برع جو في بطولات المدارس، وأكثر ما تميّز فيه كانت ركلات الترجيح، التي مثّل بسببها عنصر قوة لمصلحة فريقه أمام المنافسين.
وعن ذلك يقول مدربه المدرسي: «لم تفز الفرق الأخرى علينا سوى مرة أو اثنتين بسبب براعة جو في ركلات الترجيح».
أعوام عديدة انقضت على تلك الوقائع التي مرّت مثل أطياف في ذاكرة الحارس، بينما كان جالسًا، لا على أريكة، وإنما على دكّة بدلاء منتخب بلاده، في مواجهة البحرين، ضمن الجولة الأولى من مجموعات كأس آسيا 2023.
ظلّ جو بديلًا طوال المباراة، وخلال تدريب بعدها أصيب كيم سيونج جيو، الحارس الأساسي، بقطع في الرباط الصليبي، وعندئذ لم يشر إليه الأطفال مجددًا، بل أبلغه مدربه الألماني يورجن كلينسمان بالاستعداد لحماية عرين "محاربي التايجوك" إلى نهاية المشوار.
في قطر، استعاد الحارس الوصال مع ذكريات مدرسته الابتدائية مرتين، الأولى حين عوّض غياب كيم، والأخرى عندما امتدّت مواجهة ثمن النهائي مع السعودية إلى ركلات الترجيح، ليمارس جو هوايته المفضّلة ويقود زملاءه إلى دور الـ 8.
ومع دخول خريف مسيرته، يبحث جو الذي يبلغ حاليًا من العمر 32 عامًا، عن بطولته الرسمية الأولى بقميص منتخب بلاده، بعدما تُوِّج بألقاب عدّة رفقة ناديه السابق دايجو، والحالي أولسان هيونداي، أهمها دوري أبطال آسيا 2020، مرتديًا شعار الأخير.
وتتبقى أمامه خطوة أولى أمام الأردن، الثلاثاء، في نصف النهائي، إذا عبرها، فيمكنه المراهنة على إمكانية تحقيق الحلم الكوري الغائب منذ 64 عامًا.