|


أحمد الحامد⁩
صورة
2024-02-19
أحب مطالعة الصور القديمة، صور المدن منذ بداية القرن العشرين، شوارعها والعابرين، كيف كانت ملابسهم وسياراتهم، أقارن في الصور بين الشارع قبل سبعين وستين عامًا واليوم، ما الذي بقي والذي تغير. المقارنة في الصور بين القديم والجديد فيها متعة بصرية، وساعة زمنية عقاربها تحسب العقود والقرون. في الزيارة الأخيرة لإحدى البلدات الأوروبية بحثت على الإنترنت عن البلدة التي سكنت فيها، فشاهدت العديد من الصور التي التقطت لها منذ بداية القرن العشرين، كان كل شيء على ما هو تقريبًا، تغيرات بسطية جدًا في المباني بالإضافة لتغير في المحلات التي في الشارع، لفت نظري في إحدى الصور القديمة كسر صغير في أحد أحجار رصيف الشارع من الجانب الأيمن، وكان الشارع نفسه مكونًا من قطع حجرية صغيرة، التقطت صورة للشاشة ومشيت في الشارع حتى وصلت للحجر الذي في الرصيف وشاهدت الكسر موجودًا إلى اليوم، رغم مرور ما لا يقل عن 90 عامًا. تساءلت ما الذي يجعل هذه البلدة الغنية أن تحافظ على أرصفتها ومبانيها القديمة، لماذا لا تبني مكانها بنايات حديثة، فتحصل على وحدات سكنية أكثر من المباني القديمة التي لا تتجاوز الخمسة أو الستة طوابق. لم أحصل على إجابة. بعد سنوات طرحت السؤال على أحد الأصدقاء ممن اعتادوا السفر، وقلت له حكاية الصورة والكسر الصغير الذي كان في حجر الرصيف. قال فيما معناه بأنهم حافظوا على سياحتهم بمحافظتهم على هويتهم وتراثهم، فأنت سافرت لبلدتهم لأنها كانت كما شاهدتها، كانت جميلة كما هي. كذلك لندن، جمالها ليس في حداثتها، بل في هويتها وطابعها الخاص من مبانٍ وشوارع وحدائق. كذلك باريس والمدن الأوروبية. اليوم عندما أشاهد وأسمع عن المشاريع الكبرى في المملكة العربية السعودية للمحافظة على المناطق والمباني التراثية أدرك أهمية هذه المشاريع، وأفهم معنى المحافظة عليها. أعتقد بأن المملكة ستكون بعد عدة سنوات قليلة من أهم الوجهات السياحية في العالم، لأن هناك عمل جاد على هذا الشأن، ولأن جغرافية المملكة ثرية بما يؤهلها لذلك، ولتنوعها التراثي الكبير، كما أنها تنعم بأمن استثنائي، بالإضافة لطيبة وكرم السعوديين وتقاليدهم وأعرافهم التي ترحب بالضيوف.
كلاريسا بينكولا: إن مهمتنا ليست في إصلاح العالم بأسره مرة واحدة، بل تمتد إلى إصلاح الجزء من العالم الذي هو في متناول أيدينا.