|


ماجد التويجري
إلى الجنة يا نورة
2024-02-20
الفرح في هذه الدنيا كثير، والحزن في هذه الدنيا كثير، وهذا من حكمة المولى، جلّ شأنه، فهو المدبر والمتحكم والمتصرف في تسيير عالمنا بكل صغيرة وكبيرة، والحمد لله على كل شيء..
أقول هذا الكلام وأنا أعاني هذه الأيام من الخسارة الكبيرة في حياتي، والفقد الموجع والغياب الذي سيبقى يلاحقني العمر كله، والأجل المحتوم يوافي زوجتي وشريكتي وصديقتي ووالدة أبنائي نورة بنت صالح الضلعان يوم الجمعة الماضي.. ولن أبالغ إذا قلت إنني تجرعت الحزن بكل ألوانه وأنواعه وأشكاله.. وسيبقى الحزن على نورة هو الأكثر ألمًا، والأكثر جرحًا، وأكثر ما ترك في النفس أثرًا وتأثيرًا.. ستبقى تلك المواقف وتلك التفاصيل الصغيرة خالدة في خيالي وذاكرتي وأراها كل يوم في وجوه أبنائي تركي وسلمان.. تركت لهما والدتهما في هذه الحياة السمعة الطاهرة، والتربية القويمة، ولحظات لن تنسى.. تركي وسلمان هما غناتي، وهما أملي، وهما رأس مالي، بعدما أخذت مني الدنيا أغلى ما أملك..
أحتاج إلى سطور ممتدة لأعبر عن ماذا يعني أن تفقد إنسانة فاضلة في عز شبابها، وأحتاج عمرًا آخر لتجاوز هذا المصاب الجلل، لكن ما يقويني ويسندني أولًا هو الإيمان برب السموات والأرض أنه سيعوضها بالجنة مع الشهداء والأبرار والصديقين.. وثانيًا وجود المرأة الفاضلة والدتها الغالية والتي أعدها دومًا أهم مكاسبي في هذه الدنيا.. خالتي حصة.. لدي كل الثقة واليقين بأنها ستكون العون والمعين، فكما كانت في حياة نورة ومرضها وحاجتنا لها بلا انقطاع، ستضيء مكانتها كل الأماكن المعتمة.. كم كنت أتمنى أن أملك طاقة جبارة لأحكي عمّا فعله إخواني وأخواتي في احتواء هذا الألم.. يكفي أنني تيقنت بما لا يدع مجالًا للشك أن الإنسان لا يمكنه خوض معارك الحياة دون إخوة يحبهم ويحبونه.. الإنسان دون إخوة يكون كالضائع في ليل صحراء موحشة.. إخواني نعمة من الله تستحق الحمد والشكر والثناء.. هناك أيضًا عبد الله شقيق نورة.. لا أحد يعرف مساحة فقدان نورة مثله.. نتقاسم الحزن والدموع.. أخوات نورة أيضًا هن في مقام الأخوات.. رحيل نورة وقبله مرضها أحرق قلبي وقلوبهن في زاوية واحدة..
رحم الله نورة رحمة واسعة.. جعل الله الجنة عوضًا لها عن كل متاع الحياة.. أعاننا الله على أيام بدونها.. أعاننا الله على هذا العمر الذي يعاش مرة واحدة وسنكمله بلا نورة.. أعاننا الله على كل لحظة كانت هي فيها الأمن والأمان.. أعاننا الله يا نورة.. ستصلك كل الدعوات المباركة المصحوبة بالعفو والغفران والجنة.. ستبقى ألسنتنا وقلوبنا تلهج بالدعاء لك كل يوم، فأبواب السماء مفتوحة.. وأنت عند أرحم الراحمين.