|


عمار بوقس
1 في الجنة و2 في النار
2024-03-03
قديمًا قالوا إذا أردت إفساد نظام أي دولة فاعمل على فساد أركانها الرئيسية الثلاثة: التعليم والصحة والقضاء، لأنه إذا فسد التعليم انتشر الجهل، وإذا فسدت الصحة انتشرت الأمراض، أما إذا فسد القضاء غابت العدالة وسقط القانون وساد قانون الغاب، بحيث يصبح البقاء للأقوى.
وحتى لا يتشتت ذهنك عزيزي القارئ، أعود بك إلى وسطنا الرياضي، حيث أتحدث هنا عن قضاة الملاعب، وأعني بهم الحكام، حيث أصبحت المسؤولية موزعة ما بين حكم الساحة وحكم تقنية الفيديو، وإن كان حكم الساحة يتحمل النسبة الأكبر كونه يملك القرار الأول والأخير، على عكس نظيره في غرفة الـ VAR، الذي يعد قراره مساعدًا للحكم الرئيسي ولا يلزمه بالأخذ به.
لا أريد الحديث عن الحكام الأجانب هذا الموسم، لأن هذه القضية أشبعت طرحًا وتحليلًا ونقدًا، وإذا كنا سنستعين بالحكام الخليجيين والعرب من الدول المجاورة فمن الأفضل أن نرضى بأخطاء حكامنا المحليين ونمنحهم الفرصة والثقة، لأننا لا نرى أي فارق بين كوارث التحكيم المحلي والأجنبي هذا الموسم، بل إن كوارث الحكم المحلي أقل فداحة من الحكم الأجنبي، ولكن ليس هذا محور حديثنا لأننا سنتحدث عن الوصفة السرية لنجاح الحكم المحلي.
حكامنا لا يحتاجون إلى دورات تدريبية أو معسكرات إعدادية ولا مكافآت تحفيزية بقدر ما هم بحاجة إلى ممارسة التحكيم في المباريات الجماهيرية والتنافسية، حتى يصبح الحكم لديه مناعة من الضغوط الإعلامية والجماهيرية، ولن أطالب بمنح الحكم الحصانة أو الحماية كما طالب البعض، لأن الحكم مثل اللاعب والمدرب ورئيس النادي لا بد أن يتحمل الضغوطات الناتجة عن العمل في الوسط الرياضي وإلا فمنزله أولى به.
نعم سيخطئ الحكم المحلي مرة واثنتين وثلاثًا وعشرًا، ولكن سيبقى الحكم السعودي في الدوري السعودي مثله مثل الحكم المحلي في الدوري الإنجليزي والإسباني والإيطالي، لكن هناك معنى عظيم لو استشعره حكمنا السعودي المسلم فحتمًا ستقل أخطاؤه ويصبح قادرًا على تحمل أي ضغوطات، وهذا المعنى يتجسد في أنه قاضٍ مسؤول أمام الله قبل أي شخص، لذلك دعوني أهمس في أذن كل حكم محلي قائلًا: قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار.