|


أحمد الحامد⁩
مُبكرا.. تعلم كيف تفكر جيدا
2024-03-10
تمنيت لو تعلمت في صغري كيف أفكر جيدًا، أحلل ما سأفعل، أقرأ البداية واحتمالات النهاية، وأتراجع إن لم يكن مناسبًا، وأن أميز بين النصيحة المفيدة وبين المضرّة. مؤسف أن تتعلم متأخرًا، حينها تكون ارتكبت أخطاءً أكثر من اللازم، أو أكثر من المتوسط كون الإنسان خطّاء.
مؤسف اكتشافك لاحقًا أنك تصرفت بتأثير من غيرك، كنت تفعل ما لا يشبهك لمجرد أنهم يفعلون ذلك، أضعت ليالي طويلة في المقاهي أتبادل أحاديث وصفها الدقيق أنها تافهة، كان بالإمكان قضاء ذاك الوقت مع من يطوّر تفكيري لا أن يربكه، كان بإمكاني قضاءه في القراءة أو تعلم ما ينفعني، أو في تعميق علاقتي بأسرتي.
كان من الأفضل الاحتفاظ بآرائي وأفكاري لنفسي، أو أقولها فقط لمن يهذبها ويحسنها، لا لمن لا يفهمها ويدمرها بتعليقاته الغبية فأتراجع عنها. مؤسف أن تدرك متأخرًا أنك لم تكن تجيد اختيار ما يناسبك من أفكار وأشخاص وأماكن، وأنك أهدرت الكثير الكثير في الاتجاهات الخاطئة.
نقطة ضعف الشباب اندفاعه، والاندفاع قوة إضافية إذا كان في الاتجاه الصحيح، لكنه مشكلة إذا كانت الاتجاهات خاطئةً، لذا ينجح الشباب الذين يمشون في الطريق الصحيح وإن كانوا بطيئين، ويفشل الشباب المندفع في الاتجاه الخاطئ.
لم أندم على مال ضاع، لكنني أندم على الطريقة التي ضاع فيها، ولم أتحسر على الأوقات التي مضت، لكني ندمت فيما قضيتها.
رحم الله الكاتب خالد القشطيني، بقيت كتاباته عالقة في ذاكرتي، كتب مقالًا عن تعلم التفكير الجيد، قال إنه بقي عدة أشهر دون وظيفة بعدما اعتقد أن مكاتب المحاماة ستتخاطفه بمجرد تخرجه من كلية الحقوق، لكنه أُحبط بعدما قوبلت طلبات توظيفه بالرفض، وأن مئات الخريجين الجدد يقضون وقتهم بالجلوس في المقاهي بسبب البطالة. بعد مدة جاءه زميل يقول له إن مدير الجامعة يطلب حضوره لاستلام شهادة التخرج، كان الإحباط الذي أصابه جعله لا يهتم في استلامها، وبعد أكثر من مرسال ذهب إلى مدير الجامعة الذي شاهد خالد كئيبًا محبطًا، وعندما سأله عن السبب أجاب لأن الشهادة لم توفر له وظيفة بعد سنوات الجامعة. أجابه المدير أن الجامعة لا تمنح الوظائف، بل تعلّم الطالب كيف يفكر جيدًا.
ميخائيل جفانيتسكي: لإنقاذ رجل يغرق، لا يكفي أن تمد إليه يدك، من الضروري أن يمد يده إليك أيضًا.