|


أحمد الحامد⁩
كلام ويك إند
2024-03-16
أثناء الصوم يضيق الخُلق عند بعض الصائمين، هذا ما يفسر ازدياد «الهوشات» في الشوارع في شهر رمضان، وأعتقد أن الانفعال الشديد له علاقة مباشرة بتفاعلات الجسد عندما ينقطع عنه الطعام، مجرد اعتقاد لكي لا يغضب الأطباء ويقولون إنني أتعدى على مهنتهم.
أنا متأكد أن جميع الذين ينفعلون أثناء صيامهم يعودون معتذرين بعد الفطور، هذه المعلومة أقولها متأكدًا لا معتقدًا، فأنا خبير باعتذارات ما بعد الفطور.
قبل يومين في دولة خليجية دخلت مركزًا تجاريًا باحثًا عن صيدلية، سألت موظفة المعلومات فأجابت بلغة عربية فصحى وبطريقة تشبه كلام المضيفات الجوّيات، قالت: أهلاً بك.. اتجه يسارًا وستجد الصيدلية على اليمين. ولأنني صائم توجهت يسارًا دون الالتفات بتركيز على المحلات، مشيت طويلًا ولم أجد الصيدلية. عدت إليها فقالت بطريقة المضيفات: أهلًا بك مرة أخرى.. بماذا أستطيع خدمتك؟ كان ينقصها الشارة الموسيقية القصيرة التي نسمعها قبل الاستماع للمذيعين في المطارات. قلت لها بعصبية: سألتك عن الصيدلية وقلت اتجه يسارًا.. ألا يفترض أن تقولي أين موقعها من بين المحلات.. على اليمين أم اليسار.. أم في مواقف السيارات أم فوق السطح؟ تفاجأت من انفعالي.. وقالت بصوت منخفض.. تجدها على اليمين. ذهبت غاضبًا، وجدت الصيدلية، ثم شعرت بسوء خلقي مع المضيفة، عفوًا مع موظفة المعلومات، قلت لنفسي: أنت تعلم بأنك مخطئ، اذهب واعتذر قبل أن تغادر، ذهبت إلى محل الحلويات واشتريت قطعة شوكولاتة «غرامة» على سوء تصرفي، ما إن شاهدتني حتى قالت بصوت بالكاد سمعته: أهلًا بك مرة أخرى.. هل عرفت مكان الصيدلية ؟ أجبتها نعم.. ثم اعتذرت منها اعتذارًا شديدًا، بررت لها أنني صائم وأعاني من نقص في النيكوتين مما يجعلني أحيانًا على غير طبيعتي، أعطيتها الشوكولاتة وأنا خجل جدًا، الجيد أنني رأيت ابتسامتها، هذا ما أراح ضميري. عندما غادرت حمدت الله أن انفعالي لم يخرج على رجل في الشارع وإلا كان مردغني تمردغًا !
سمعت مقطعًا لإحدى السيدات تنصح فيه أصحاب المطاعم، مما قالته: عليكم ألا تعتقدوا بأنكم تبيعون الطعام، أنتم تبيعون الخدمات على الرحلة، فلدى كل زبائنكم طعام في بيوتهم، فلماذا يأتون إلى مطاعمكم؟ إنهم يدفعون مقابل الرحلة وخدماتها قبل الطعام الذي سيتناولونه، إنهم يخرجون من منازلهم ويقودون سياراتهم ويدخلون مطاعمكم ليروا شيئًا جديدًا وليحصلوا على خدمة عالية.
أعجبتني نصيحة السيدة، ونصيحتها لا تصلح فقط لأصحاب المطاعم لكي يحسنوا خدماتهم، بل تصلح لجميع المجالات، بعد المقطع سمعت أحد أشهر الخبراء العالميين في التجارة «نسيت اسمه» سمعته يقول إن السبب الرئيسي لأي نجاح في التجارة هو الخدمة الممتازة.