|


سعد المهدي
توثيق ضد التلفيق
2024-03-24
أحتاج إلى أن أبسط لنفسي فهم «مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية»: هل يقصد منه «حصر» البطولات التي أقيمت منذ قيام الدولة السعودية الثالثة، وبالتالي النادي الحاصل على اللقب، ومن ثم وضع كل لقب في سجل بطولاته، ليبدأ عداد البطولات بالعمل، لتنتج عنه في النهاية حصيلة كل نادٍ من الألقاب، ونسب كل لقب لمسمى البطولة وتاريخ حدوثها؟.. إذا كان كذلك أين الصعوبة، ولماذا احتاج الأمر إلى سنوات عمل وتوقف، وإقدام وتردد، وخبراء ومؤرخين ولجان واجتماعات وهدر أموال ووقت وجهد؟!
ثم هل توثيق البطولات جزء من التاريخ أم كله؟ وماذا يمكن أن يضيفه المختصون والخبراء الأجانب، أكثر من وضع قواعد ومنهج العمل والوصول إلى معايير تصنيف لا أكثر من ذلك، دون الحاجة إلى أن يدلي أعضاء اللجنة إلى أين يضعون اللقب «الفلاني» في خانة «ماذا»، ومن المؤكد أنهم «مثلًا» لا يعرفون أكثر من الأعضاء أن مسابقة كأس الملك بدأت سنة 57م، أو أن دوري الأندية الممتازة انطلق عام 77م، بل إن هذين التاريخين ينشرهما «إعلاميًا» اتحاد الكرة ووزارة الرياضة في مناسبات كثيرة؟
كل البطولات التي أقيمت في طول البلاد وعرضها على مر التاريخ يجب أن يتم حصرها، وذكر النادي الذي حقق لقبها بشرط ربطها بالمسمى الصحيح بشعار «التوثيق» يدحض «التلفيق»، فمن حق كل نادٍ ألا يتم تجاهل أي بطولة حققها أيًا كانت «وزن» أو حيز «جغرافي» المهم تدوينها بمسماها الذي لا يسمح بالخلط أو التدليس، مع العلم أن الكثير من الأندية تملك سجلات لبطولاتها تحتفظ بها ويحق لها ألا تتنازل عنها، شرط ألا تفرض على مشروع «التوثيق الرسمي» هذه السجلات أو تعاقبه بعرقلة أعماله كوسيلة ضغط لقبولها.
كتابة تاريخ كرة القدم السعودية تختلف عن رصد وحصر البطولات، ويختلف الأمر كليًا عند تدوين الحركة الرياضية، وعلى أن «توثيق» البطولات جزء من التاريخ إلا أن كتابته يمكن لها أن تتم أسهل وأسرع إذا ما جعلنا التوثيق «ملحقًا»، ليس لأن كتابة التاريخ لا تحتاج إلى جهد مضنٍ وأشهر عمل، ومختصين ودعم لوجستي وميزانية، لكن لأن ذلك يمكن أن يتم بعيدًا عن ضغوطات «الأندية» وجمهورها والإعلام، الذين لهم اليد الطولى في جعل «توثيق البطولات» مثل «بيض الصعو» بحسب توصيف أحد الزملاء، وهو على حق.