|


البدر.. شاعر الفرح في أمجاد الأخضر

الأمير بدر عبدالمحسن وطلال مداح في لقاء سابق (أرشيفية)
الرياض ـ إبراهيم الأنصاري 2024.05.04 | 05:18 pm

في ثمانينيات القرن الماضي وبينما كان الشعراء والفنانون يتسابقون إلى مسارح الأندية التي كانت تتنافس في ذلك الوقت على تنظيم الحفلات الفنية للتغني بمنجزاتها الرياضية في أمسيات كبيرة تغري كبار الشعراء بكتابة أجمل قصائدهم للمشاركة في تلك الليالي، وتسحر الفنانين للغناء تحت صافرات الجماهير الغفيرة، ظلَّ الشاعر الكبير بدر بن عبد المحسن بعيدًا عن تلك الضجة.
لم يكن الجانب الرياضي يغري الأمير الراحل كثيرًا، على عادة الكبار فضَّل الابتعاد عن مناوشات الأندية وضجيجها وصخب مشجعيها.
في عام 1984 فجَّر تأهل المنتخب السعودي إلى دورة الألعاب الأولمبية، التي استضافتها مدينة لوس أنجليس الأمريكية والحصول على كأس آسيا في العام نفسه، قريحة الشعراء وحناجر المطربين الذين تسابقوا في تسطير أجمل القصائد والكلمات الشعرية في رجال الأخضر ومدربه السعودي حينها خليل الزياني، الذي سجَّل مع لاعبيه إنجازات مميزة لن ينساها السعوديون.
المشاركة الأولمبية الأولى فتحت الطريق ومنحت لاعبي الأخضر الثقة في قدرتهم على مقارعة كبار منتخبات القارة وكانت بمثابة فك العقدة نحو زعامة القارة الصفراء، بعد أن تُوِّج المنتخب السعودي بعدها بأشهر قليلة بلقب كأس آسيا 1984 في سنغافورة، الأمر الذي عزَّز ثقة الجمهور السعودي في الأخضر وكان الشعراء والمبدعون أوّل هؤلاء الذين منحتهم تلك البطولة الأمل في المنتخب وكتابة قصائد مميزة عنه.
هيَّأ اجتماع الثنائي الأمير بدر بن عبد المحسن مع الراحل طلال مداح، الفنان الكبير العائد حينها من الاعتزال، عن ظهور واحدة من أشهر أغنية للمنتخب وأفضلها على الإطلاق، التي حملت عنوان «ياناس الأخضر لا لعب»، التي باتت لاحقًا أيقونة أفراح الأخضر ومنجزاته وصوت الفرح في المحافل الرياضية.
يا ناس الأخضر لا لعب، بركان يتفجر غضب، منصور يا أغلى شعار، يا سعودي يا أفضل منتخب، كلمات خالدة سطَّرها البدر بمداد من ذهب وأصبحت مثيرة لمشاعر الزهو والفرح عند الانتصار، ودحض اليأس وتنهض بالآمال من جديد في حال الخسارة، ولم تغب يومًا عن ذاكرة الجماهير السعودية في أي محفل رياضي.
رحل الأمير بدر بن عبد المحسن ولم ترحل ابتسامته الجميلة، وصوته الخافت وقلمه القوي المؤثر، الذي كان حاضرًا في أفراح الوطن وأتراحه ضاربًا أروع الأمثلة في الشاعر الذي سخر شعره وقلمه وإبداعه في سبيل وطنه وقيادته وشعبه.
يبكي الوطن أبناءه المبدعين حين يرحلون لكن، تذهب أجسادهم وتبقى ذكراهم، وحروفهم المسطورة وعباراتهم المؤثرة ومواقفهم الصادقة، فكم من حي لا أثر له ولا تأثير، وكم من راحل ما زال الناس يرددون اسمه وعباراته وأفكاره، والبدر أحد هؤلاء الكبار.