|


سيني.. تركه كوليبالي لحظة ولادته.. وأحضره الفرح الهلالي

السنغالي خاليدو كوليبالي، مدافع فريق الهلال الأول لكرة القدم، مع نجله الأكبر سيني وشقيقته الصغرى، السبت، بعد الفوز على الحزم، وحسم لقب دوري روشن السعودي (المركز الإعلامي ـ الهلال
الرياض ـ أسامة فاروق 2024.05.12 | 01:04 pm

على ملعب مدينة الأمير فيصل بن فهد الرياضية في الرياض، احتفل السنغالي خاليدو كوليبالي، مدافع فريق الهلال الأول لكرة القدم، السبت، بلقب دوري روشن السعودي، مصطحبًا نجله «سيني»، الذي تركه، قبل نحو تسعة أعوام، باكيًا في المهد، بعد ساعتين من ولادته، كي يلحق بمباراة، خضوعًا لرغبة مدربه.
في صباح 23 أغسطس 2015، كان ماوريسيو ساري، مدرب نابولي، يُلقي محاضرة بالفيديو على لاعبيه، قبل ساعات من مواجهة ساسولو، ضمن أولى جولات الدوري الإيطالي.. وبينما كان منهمكًا في شرحه، اهتزّ هاتف كوليبالي بالرنين.
ليس من عادة السنغالي إبقاء هاتفه مفتوحًا، لكنه في تلك الصبيحة قرَّر ألا يطفئه، بسبب قلقه على زوجته، التي كانت على مشارف ولادة أول أطفالهما.
اتصال تلو الآخر.. رنَّ الهاتف خمس أو ست مرات، وعجز السنغالي عن الرد خشية انفعال مدربه المعروف بمزاجه الحاد.. أخيرًا ترك المحاضرة، وركض مسرعًا إلى الخارج، وأمسك الهاتف وفتح الخط ليجد على الجهة الأخرى صوت زوجته تصرخ: «عليك أن تأتي الآن.. ابننا قادم!».
أوصته قائلة: «اذهب إلى ساري، قل له: سيّدي، أنا آسف، عليّ الذهاب الآن، ابني على وشك القدوم». وعندما نقل رسالتها الضارعة إلى المدرب، نظر إليه الأخير وقال: «لا لا لا، أحتاجك الليلة يا كولي، أحتاجك حقًا، لا يمكنك الذهاب»، فعاجله اللاعب بالرد: «هذه ولادة ابني يا مستر، افعل بي ما تشاء، غرّمني، أوقفني، لا أهتمّ، أنا ذاهب!».
بدا ساري متوترًا للغاية حين تفاجأ بهذا الرد الحازم.. نفث دخان سيجارته الرفيعة، وتجاذب منها أنفاسًا أخرى.. تروّي.. ثم قال لخاليدو: «حسنًا.. حسنًا.. يمكنك الذهاب إلى العيادة، لكن عليك العودة الليلة.. أحتاجك يا كولي».
في أسرع وقت ممكن، وصل كوليبالي إلى العيادة، التي ترقد فيها زوجته، وعند الـ 01:30 ظهرًا وُلد طفله، واختار له اسم «سيني».
عند الـ 04:00 مساءً، أي بعد ساعتين ونصف الساعة فقط من الولادة، دقّ الهاتف مجددًا، وهذه المرة كان ساري على الطرف الآخر.. لم يستطع إمهاله أكثر من ذلك، وطالبه بالعودة إلى المعسكر كي يُدخله قائمة المباراة.
وبصوت هادئ لا يبدو مكترثًا بالحدث، قال ساري للاعبه: «كولي.. هل ستعود؟ أنا بحاجة إليك.. أحتاجك حقًا لو سمحت!».
وعلى الرغم من حالة زوجته، وحاجتها إليه، قرَّر كوليبالي الإذعان لمدربه.. كرّر المباركة للأم النفساء على المولود، وودّعها، وعاد إلى الملعب، وانضمّ إلى زملائه في غرفة تبديل الملابس منتظرًا إعلان التشكيل، وحينئذ وقعت المفاجأة.. اسم السنغالي خارج قائمة الـ 11.
مذهولًا، سأل خاليدو المدرب: «يا مستر هل تمزح معي؟».. فردّ الأخير ببرود: «ماذا؟ إنها اختياراتي»، فاستطرد اللاعب وغضب مكتومًا يضطرم بداخله: «يا مستر! ابني.. زوجتي.. تركتهما.. وأنت قلت لي إنك بحاجة إليّ!».. وعندها قال ساري: «نعم نحتاجك.. على مقاعد البدلاء».
وطوال المباراة ظل المدافع حبيسًا للدكة، وشاهد برفقة الاحتياطيين خسارة فريقه 1ـ2، وبعدها عاد إلى زوجته وطفله.
ومع صعوبة تقبل الموقف، لا يُكنّ كوليبالي أي ضغينة لمدربه، وقال عنه لاحقًا: «عليك فهم طبيعة شخصية هذا الرجل، إنه مجنون، أقول ذلك دون قصد للذم، لكنه مجنون بحق».
الآن، مرّت ثمانية أعوام وثمانية أشهر و19 يومًا بالضبط على تلك الحادثة، هي كل عمر الصبي، الذي لا يستحضر بالطبع هذه التفاصيل، وربما لا يعرف عنها شيئًا، لكنه سيظل يذكر لوالده فيما بعد وقائع عايشاها معًا لاحتفال هلالي بلقب الدوري، لم يكن خلالها مطوّقًا بلفافة الولادة، مثل يوم مواجهة ساسولو، وإنما مرتديًا القميص الأزرق، مثل أبيه وبقية الأبطال.