|


أحمد الحامد⁩
ما نسمعه ونشاهده
2024-05-15
احتجت وقتًا طويلًا لأفهم أن ما نشاهده ونسمعه يؤثر علينا تأثيرًا مباشرًا، وليست هناك مشكلة إن كان تأثيرًا جيدًا، فهذا ما نتمناه، لكنها مشكلة إن كان تأثيرًا سيئًا. في يوم وكنت في حال جيدة ولله الحمد، كان أحد المغنيين قد أهداني ألبومه الأخير، بدأت بالاستماع حتى وصلت لأغنية أصفها بالأغنية الأشد حزنًا وكآبة، كان ملحنها قد ألبسها لحنًا لا يقل حزنًا عن الكلمات، أعدت الاستماع لها عدة مرات، ووجدت نفسي مندمجًا حتى بكيت.. مع أن قصة الأغنية لا تشبه حياتي، ولا بموقف عشته كي يذكرني بمضمون الأغنية، كانت كلماتها على الأغلب خيال شاعر لا أكثر. لماذا بكيت؟.. وقد كنت سعيدًا قبل الاستماع للأغنية! الحاصل أن ما سمعته اختطفني دون شعور مني، خسرت وقتها هدوئي وطمأنينتي لمجرد أني استمعت إلى أغنية ما كان علي أن أسمعها، ربما كان علي إذا ما أردت الاستماع إلى أغنية فيها شيء من فرح وتفاؤل. عندما عمقت التفكير أكثر وجدت أن العديد من الأغنيات سبق واختطفتني وأثرت في نفسي بالسلب لا بالإيجاب، واصطحبتني دون انتباه مني إلى منطقة كئيبة وحزينة. منذ ثلاث سنوات تقريبًا وأنا لا أسمح لنفسي بالاستماع للأغاني الكئيبة لأنها معدية، ولأنها تسرقني من واقعي إلى واقعها. الأمر نفسه فيما نشاهد، لكن تجاربي مع المشاهدة أكثر إيجابية، خصوصًا مع الأفلام الكوميدية، فيلم «جري الوحوش» كمثال رغم طرحه الجاد جدًا إلا أنه مليء بالكوميديا المضحكة، فيلم الكيف كذلك، والفيلمين لمحمود عبد العزيز، كانت مشاهداتي المتكررة لهما ذات فائدة فكرية ونفسيّة. في المشاهدات تؤثر اللقاءات التلفزيونية كثيرًا على نفسية المشاهد، واللقاءات التي تكثر فيها الشتائم والتلاسن بين الضيوف تؤثر سلبًا على نفسية المشاهدين، أشعر بالحرج كلما شاهدت الضيوف في برنامج التلفزيوني وأصواتهم مرتفعة، ولا أستطيع المتابعة وأقوم بالتوقف عن المشاهدة، لكني أشعر بالراحة والفائدة مع البرامج الهادئة التي يتيح فيها مقدم البرنامج الفرصة للمتحدث بأن يأخذ كفايته من الوقت، ولا يتصيّد له سوء تعبيره أو زلات لسانه. برامج البودكاست قدمت لنا حلقات رائعة في المواضيع المفيدة والممتعة، وعرفتنا على أسماء تستحق المشاهدة والاستماع لها.
مثل صيني: قد يفشل الذكي والمحظوظ، لكن المثابر لا يفشل أبدًا.