|


كوستا.. رضيع جفف دموع رونالدو.. وأنقذ العجوز بيبي

الرياض ـ إبراهيم الحمدان 2024.07.02 | 02:51 pm

الرابع من يوليو 2004 يوم مَرّ على الشاب كريستيانو رونالدو اليافع الحالم، حامل لواء آمال البرتغال آنذاك، ولكن في حضرة ثورة اليونان التاريخية سقط النجم الصغير وبلاده، وانهار باكيًا بعد نهائي اليورو مثلما اهتزت لشبونة بأكملها بعد أن سرق كريستياس، مهاجم الخصم الخارق للطبيعة، كل أمنياتهم وأرسلها إلى أثينا.
ومع إعادة شريط الذكريات الشائكة، كان هناك أحدهم ربما لا تساعده ذاكرته، التي لم تكون بعد قواعدها على استعادتها، فهو لم يبلغ عندها عامه الرابع حتى، دييجو كوستا، المصنف رضيعًا في ذلك الصيف، ولد قبلها بثلاثة أعوام، وتحديدًا في الـ 19 من سبتمبر 1999 على أرض روثرست السويسرية لأب وأم كادحين تبعا لقمة عيشهما في غربة وبلاد تبعد عن وطنهما ألفي كيلومتر.
الطفل ذاك عاد إلى أرضه، البرتغال، برفقة والده ونشأ وتعلم في بورتو، ومن فناء مدرسته أصبحت العيون شاخصة على موهبته في التقاط الكرات، حارس يبدو متمكنًا بين أقرانه، كان ذلك حقيقيًا، وواقعًا، فالنادي الأكبر بين المتنافسين على مستوى الدولة المصنفة الأكثر سلمية وعولمة، بورتو إف سي، تبنى موهبة دييجو واحتضنه في أكاديميته وقدمه حارسًا محترفًا يحمي عرين النادي.
تدرج كوستا مع بورتو بين الرديف والأول حتى حجز مقعده الأساسي، ونجح في المساهمة بتحقيق ثماني بطولات بقميصه، ليس ذلك فقط، بل إنه صعد سريعًا ليكون الحارس الأساسي لمنتخب بلاده.
وصول دييجو حارسًا أساسيًا لبطل أوروبا 2016 ثبت أنه الخيار الأكثر دقة، حيث أطلق عنان الفرح لمواطني بلاده أجمع بعد أن احتجزها أوبلاك صاحب قفاز حماية مرمى سلوفينيا لـ15 دقيقة عبرت وكأنها 150 عامًا على كل محب للبرتغال.
الأول من يوليو 2024، وبعد 20 عامًا من بكاء الشاب رونالدو، تكرر المشهد الحزين، وانهمرت دموع رونالد القائد، الذي يشارف على الـ 40 عامًا، بعد إهداره ركلة جزاء تحطمت بعدها قلوب العاشقين، لحظة وقوف الدون مستمعًا لتوجيهات المدرب بين الشوطين الإضافيين، وهو مكسور منهار، وكأنه وحيدًا في هذا العالم، غير آبه بمسيرة خالدة ذهبية صنعها بين دموعه، التي سقطت على عشب ملعب دالوز «لشبونة»، ثم أرضية دوتش باك بارك في فرانكفورت.
الكلمة السر نطقها قفاز دييجو كوستا، الطفل عندما سُرق حلم رونالد القديم، عندما انفجر وكأنه تحول إلى وحش كاسر، فأنقذ البرتغال كلها أولًا بحمايته شباكه لحظة انفراد صادمة لمنتخب سلوفينيا، وفي الطريق أنقذ سمعة العجوز بيبي صاحب الـ 41 عامًا من خطأ كارثي، قبل أن يستقبل كل تسديدات الخصم في ركلات الترجيح ويمنعها جميعًا من الولوج إلى مرماه، مرسلًا بلاده إلى دور الثمانية لمنازلة فرنسا.
ابتسامة، فضحكة، ومن بعدهما فرحة عارمة وثقتها عدسات الناقل على وجه رونالدو بعد البكاء، ولكن من سالت دموعه هذه المرة هو كوستا، الذي أدرك أنه نفذ مهمة مستحيلة، بأكمل وجه، وأفضل صورة، نهاية سينمائية تشبه نهايات العروض على شاشات دور السينما، دييجو فعل كل شيء، وأنقذ الجميع، فهل يرد له الرفاق الجميل؟