|


خالد الشايع
«فيفا» يلعب بالنار.. يدمر كرة القدم
2024-07-17
خلت مباريات أمم أوروبا، وكوبا أمريكا من المباريات المثيرة إلا من عدد قليل لا يكاد يتجاوز أصابع اليد الواحدة، على الرغم من أن البطولتين تضمان أفضل لاعبي العالم بلا جدال.
للأسف الإثارة كانت غائبة، مثل كثير من المباريات مؤخرًا، إلا لحظات قليلة فيها، كبار النجوم بدؤوا يتوارون، كرة القدم لم تعد ممتعة كما كانت في السابق، حقيقة لابد أن يقتنع بها محبو كرة القدم، لا علاقة للمواهب بذلك، فهناك مواهب كثر، ولكن الأمر يتجاوز اللاعبين، والمنظومة لأكثر من ذلك.
الطغيان المادي على اللعبة بات يؤثر على جوهرها، والقادم للأسف أسوأ، الأنظمة الجديدة لدوريات الأبطال، وكأس العالم، يزيد من تأثير ذلك على مستوى المباريات.
حسنًا، صحيح أن كرة القدم عبارة عن عمل تجاري يُجمع فيها الكثير من الأموال، ولكن لا يجب أن يكون الوضع بهذا الشكل، يجبر اللاعبين الذين هم أساس الصناعة على الوصول إلى نقطة اللا عودة، بسبب كثرة المباريات التي وصلت لأكثر من 60 مباراة في الموسم الواحد، كثير من اللاعبين وصلوا لألمانيا والولايات المتحدة، وهم لا يمكنهم اللعب، ولكن كان لزامًا عليهم النزول إلى أرض الملعب، الأمر ليس فقط حول جاهزية اللاعب البدنية ولكن أيضًا عقليًا ونفسيًا، ومعنويًا، ولكن «فيفا» ومن يتبعه لا يهمهم ذلك، طالما أن مباريات أكثر تعني أموالًا أكثر، لا يهم لو أصيب لاعب أو انتهت مسيرته فهناك غيره سيأخذ مكانه.
مازلنا في البداية، للأسف، فالأمر لن يتوقف.
المباريات ستكون أكثر، هكذا يخطط له «فيفا» مع الاتحادات القارية، مباريات أكثر يعني أموالًا أكثر، ولكن هذه الوتيرة العالية ستقتل اللعبة لأن اللاعبين سيصابون أكثر، النجوم ستكون مرهقة عقليًا وبدنيًا، ومعنويًا، النادي يريد، والمنتخب يريد، واللاعب لا أحد يسأل عنه، في حديث لكارفخال وهو واحد من أكثر اللاعبين قوة بدنية، اشتكى من هذه المباريات الكثيرة، سواء محليًا أو دوليًا، محذرًا من أن اللاعب لا يستطيع أن يلعب أكثر من 60 مباراة في الموسم الواحد، وقبله اشتكى بيب، مؤكدًا أن الجدولة التي يريدها «فيفا» لا يمكن أن تطبق، إذا أصر عليها فإنه يكتب أول حروف النهاية، فكرة القدم لديها مليارات المتفرجين في كل دول العالم، ولكنها أصبحت لعبة أقل جاذبية، ولم نعد نرى مباريات كبيرة، ولا أساطير يقودون فرقهم للفوز في مباريات مستحيلة، ولن نرى، لا يهم عدد المتفرجين في الملاعب، فمتى ما استوعبوا أنهم لم يعودوا يرون ما يستحق، فسيتركونه، «فيفا» يعول على الولاء وانتماء المشجع لفريقه، ولمنتخب بلاده، ولكنه يراهن على شيء كبير، على جوهر كرة القدم، فخلال سنوات قليلة سيكون عدد النجوم الحقيقيين أقل، ومن يستحق العناء من أجله أقل، وستكون المباريات أقل متعة بكثير مما هي عليه اليوم.
في هذه الفترة لدينا أسوأ منتخب ألماني، أسوأ منتخب برازيلي، أسوأ منتخب إيطالي، وبعد اعتزال ميسي سيلحق بهم الأرجنتين، وحتى فرنسا ليست ببعيدة ولا هولندا، نحن نعيش فترة تراجع كبيرة.
متى ما استوعب «فيفا» أن كرة القدم ليست مجرد لقطة للأهداف، وأنها لعبة ثقافية واجتماعية وحدث بالغ الأهمية للمشجعين، فسيعرف أنه يلعب بالنار.